أرباب الدّعاوى تسودّ وجوههم ، وأصحاب المعاني تبيض وجوههم ، وأهل الكشوفات غدا تبيضّ بالإشراق وجوههم ، وأصحاب الحجاب تسودّ بالحجبة وجوههم ، فتعلوها غبرة ، وترهقها قترة.
ويقال من ابيض ـ اليوم ـ قلبه ابيضّ ـ غدا ـ وجهه ، ومن كان بالضد فحاله العكس.
ويقال من أعرض عن الخلق ـ عند سوانحه ـ ابيضّ وجهه بروح التفويض ، ومن علّق بالأغيار قلبه عند الحوائج اسودّ محيّاه بغبار الطمع ؛ فأمّا الذين ابيضت وجوههم ففى أنس وروح ، وأمّا الذين اسودّت وجوههم ففى محن ونوح.
قوله جل ذكره : (تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ (١٠٨) وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (١٠٩))
نديم مخاطبتنا معك على دوام الأوقات فى كل قليل وكثير ، عمارة لسبيل الوداد : (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ) وأنّى يجوز الظلم فى وصفه تقديرا ووجودا ـ والخلق كلّهم خلقه ـ والحكم عليهم حكمه؟
ولله ما فى السموات وما فى الأرض ملكا ، وإلى الله ترجع الأمور حكما.
قوله جل ذكره : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ)
لمّا كان المصطفى صلوات الله عليه أشرف الأنبياء كانت أمّته ـ عليهالسلام ـ خير الأمم. ولمّا كانوا خير الأمم كانوا أشرف الأمم ، ولمّا كانوا أشرف الأمم كانوا أشوق الأمم ، فلمّا كانوا أشوق الأمم كانت أعمارهم أقصر الأعمار ، وخلقهم آخر الخلائق لئلا يطول مكثهم تحت الأرض. وما حصلت خيريتهم بكثرة صلواتهم