إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ (١١٢))
علم الهجران لا ينكتم ، وسمة البعد لا تخفى ، ودليل القطيعة لا يستتر ؛ فهم فى صغار الطرد ، وذلّ الرد ، يعتبر بهم أولوا الأبصار ، ويغترّ بهم أضرابهم من الكفار الفجّار.
قوله جل ذكره : (لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (١١٣) يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَأُولئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (١١٤))
كما غاير بين النور والظلام مغايرة تضاد فكذلك أثبت منافاة بين أحوال الأولياء وأحوال الأعداء ، ومتى يستوى الضياء والظلمة ، واليقين والتّهمة ، والوصلة والفرقة ، والبعاد والألفة ، والمعتكف على البساط والمنصرف عن الباب ، والمتصف بالولاء والمنحرف عن الوفاء؟ هيهات يلتقيان! فكيف يتفقان أو يستويان؟!
قوله جل ذكره : (وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (١١٥))
لن يخيب عن بابه قاصد ، ولم يخسر عليه (تاجر) (١) ، ولم يستوحش معه مصاحب ، ولم يذلّ له طالب.
__________________
(١) هكذا فى ص ، وربما استوحاها القشيري من الآية (اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم) فيكون المعنى ـ والله أعلم ـ من آثر الله على كل شىء فقد ربحت تجارته وما خسر.