أبناء الحقوق ، ومن جنح إلى الهوى خان فيما أودع نفسه من التقوى ، ومن ركن إلى أنواع نوزاع المنى خان فيما طولب به من الحياء لاطلاع المولى (١).
(وَاسْتَغْفِرِ اللهَ) لأمتك ؛ فإنا قد كفيناك حديثك بقولنا : ليغفر لك الله نما تقدم من ذنبك.
قوله جل ذكره : (وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً أَثِيماً (١٠٧) يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ وَكانَ اللهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطاً (١٠٨))
هم المؤثرون حظوظهم على حقوقه ، والراضون بالتعريج فى أوطان هواهم دون النقلة إلى منازل الرضا ، إن الله لا يحب أهل الخيانة فيذلهم ـ لا جرم ـ ولا يكرمهم.
قوله : (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ) الغالب على قلوبهم رؤية الخلق ولا يشعرون أنّ الحق مطّلع على قلوبهم أولئك الذين وسم الله قلوبهم بوسم الفرقة.
قوله جل ذكره : (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فَمَنْ يُجادِلُ اللهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً (١٠٩))
أي ندفع عنهم ـ بحرمتك ـ لأنك فيهم ، فكيف حالهم يوم القيامة إذ زالت عنهم بركاتكم أيها المؤمنون؟!
__________________
(١) (يقال إن سبب نزول هذه الآية أن رجلا شكا أن طعمة بن أبيرق سرق درعه ، فلما رأى السارق ذلك ألقى الدرع فى بيت رجل برىء ، وقال لنفر من عشيرته إنى غيبت الدرع فى بيت فلان ، فانطلقوا إلى النبي (ص) ليلا فقالوا : يا نبىّ الله إن صاحبنا برىء. وإن صاحب الدرع فلان وقد أحطنا بذلك علما فاعذر صاحبنا على رءوس الناس وجادل عنه ، فإنه إن لم يعصمه الله بك يهلك. فقام رسول الله (ص) فبراه وعذره على رءوس الناس ، فأنزل الله هذه الآية) وقد حرصنا على إثبات سبب نزولها لأن ما بعدها من الآي مرتبط بهذه الواقعة.