الطمع ، وخنقته سلاسل (الحرص) (١) فحرام على السالكين سلوك خطتهم ، ومحظور على المريدين متابعة مذهبهم.
وأمّا الموقوذة فالإشارة منها إلى نفوس جبلت على طلب الخسائس حتى استملكتها كلها فهى التي ذهبت بلا عوض حصل منها ، وأمثال ذلك حرام على أهل هذه القصة.
والإشارة من المتردية إلى من هلك فى أودية التفرقة ، وعمى عن استبصار رشد الحقيقة ؛ فهو يهيم فى مفاوز الظنون ، وينهك فى متاهات المنى.
والإشارة من النطيحة إلى من صارع الأمثال ، وقارع الأشكال ، وناطح كلاب الدنيا فحطموه بكلب حرصهم ، وهزموه بزيادة تكلبهم ، وكذلك الإشارة من :
قوله جلّ ذكره : (وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ).
وأكيلة السبع ما ولغت فيه كلاب الدنيا ، فإن الدنيا جيفة ، وأكلة الجيف الكلاب ويستثنى منه المزكى وهو ما تقرر من متاع الدنيا لله ؛ لأن زاد المؤمن من الدنيا : ما كان لله فهو محمود ، وما كان للنّفس فهو مذموم.
قوله جل ذكره : (وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ).
فهو ما أرصد لغير الله ، ومقصود كلّ حريص ـ بموجب شرعه ـ معبوده من حيث هواه قال الله تعالى : (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) يعنى اتخذ هواه إلهه.
(وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ) ، الإشارة منه إلى كل معاملة ومصاحبة بنيت على استجلاب الحظوظ الدنيوية ـ لا على وجه الإذن ـ إذ القمار ذلك معناه. وقلّت المعاملات المجرّدة عن هذه الصفة فيما نحن فيه من الوقت.
قوله جل ذكره : (ذلِكُمْ فِسْقٌ).
أي إيثار هذه الأشياء انسلاخ عن الدّين.
__________________
(١) وردت (الحرس) وهى خطأ فى النسخ.