قوله جل ذكره : (وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ).
لا تأخذوا على جحد (١) أوليائى والركون إلى ما فيه رضاء أعدائى عوضا يسيرا فتبقوا بذلك عنّى ، ولا يبارك لكم فيما تأخذون من العوض.
(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ ...) فمن اتخذ بغيره حكما ، ولم يجد ـ تحت جريان حكمه ـ رضى واستسلاما (٢) ففى شرك خامر قلبه ، وكفر قارن سرّه. وهيهات أن يكون على سواء!
قوله جل ذكره : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٤٥))
بيّن أن اعتبار العدالة كان حتما فى شرعهم ، ولمّا جنحوا إلى التضييع استوجبوا الملام. (فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ) ، يعنى فمن آثر ترك ماله باعتناق العفو لم يخسر علينا باستيجاب الشكر ، ومن أبى إلا تماديا فى إجابة دواعى الهوى فهم الذين وضعوا الشيء فى غير موضعه ؛ أي استبدلوا بلزوم الحقائق متابعة الحظوظ ، وبإيثار الفتوة موافقة البشرية (٣).
قوله جل ذكره : (وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ
__________________
(١) وردت (جهد) بالهاء والملائم أن تكون (جحد) فهكذا تشير الآية الكريمة ، وكذلك السياق ؛ إن رضاء الأعداء يقابله جحد الأولياء.
(٢) وردت (واستلاما) والصواب (استسلاما) أي أي انقيادا وطاعة.
(٣) لأن من عناصر الفتوة ـ عند الصوفية ـ البذل والإيثار والتضحية.