وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً)
عدة الأحباب عزيزة ، فإذا حصلت المواعدة بين الأحباب ، فهى عذبة حلوة كيفما كانت ، وفى هذا المعنى أنشدوا :
أمطلينا وسوّفى |
|
وعدينا ولا تفى |
ويقال علّل الحقّ ـ سبحانه ـ موسى بالوعد الذي وعده بأن يسمعه مرة أخرى كلامه ، وذلك أنه فى المرة الأولى ابتلاه بالإسماع من غير وعد ، فلا انتظار ولا توقع ولا أمل ، فأخذ سماع الخطاب بمجامع قلب موسى ـ عليهالسلام ـ فعلّق قلبه بالميقات المعلوم ليكون تأميله تعليلا له ، ثم إن وعد الحقّ لا يكون إلا صدقا ، فاطمأن قلب موسى ـ عليهالسلام ـ للميعاد ، ثم لمّا مضت ثلاثون ليلة أتى كما سلف الوعد فزاد له عشرا فى الموعد. والمطل فى الإنجاز غير محبوب إلا فى سنّة الأحباب ، فإن المطل عندهم أشهى من الإنجاز ، وفى قريب من هذا المعنى أنشدوا :
أقيمى لعمرك لا تهجرينا |
|
ومنّينا المنى ، ثم امطلينا |
عدينا موعدا ما شئت إنّا |
|
نحبّ وإن مطلت تواعدينا |
فإما تنجزى وعدك أو فإنا |
|
نعيش نؤمل فيك حينا |
قوله جل ذكره : (وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ).
كان هارون ـ عليهالسلام ـ حمولا بحسن الخلق ؛ لمّا كان المرور إلى فرعون استصحب موسى ـ عليهالسلام ـ هارون ، فقال الله ـ سبحانه ـ : (أَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) بعد ما قال : (أَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً). ولمّا كان المرور إلى سماع الخطاب أفرده عن نفسه ، فقال : (اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي) وهذا غاية لحمل من هارون ونهاية التصبر والرضاء ، فلم يقل : لا أقيم فى قومك. ولم يقل : هلّا تحملني مع نفسك كما