الْعَذابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٦٧))
إذا الحقّ ـ سبحانه ـ أمضى سنته بالإنذار وتقديم التعريف بما يستحقه كلّ أحد على ما يحصل منه من الآثار إبداء للعذر ـ وإن جلت (١) رتبته عن كل عذر ـ فإن ينجع فيهم القول وإلا دمّر عليهم بالعذاب.
قوله جل ذكره : (وَقَطَّعْناهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذلِكَ وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (١٦٨))
(٢) أجراهم على ما علم أنهم يكونون عليه من صلاح وسداد ، ومعاص وفساد. ثم ابتلاهم بفنون الأفعال من محن أزاحها ، ومن منن أتاحها ، وطالبهم بالشكر على ما أسدى ، والصبر على ما أبلى ، ليظهر للملائكة والخلائق أجمعين جواهرهم فى الخلاف والوفاق ، والإخلاص والنفاق ؛ فأمّا الحسنات فهى ما يشهدهم المجرى ، ولا يلهيهم عن المبدى ، وأمّا السيئات فالتردد بين الإنجاز والتأخير ، والإباحة والتقصير.
ويقال الحسنة أن ينسيك نفسك ، والسيئة أن يشهدك نفسك.
ويقال الحسنات بتيسير وقت عن الغفلات خال ، وتسهيل يوم عن الآفات بائن. والسيئات التي ابتلاهم بها خذلان حاصل وحرمان متواصل.
قوله جل ذكره : (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا)
استوجبوا الذم بقوله ـ سبحانه : (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ) لأنهم آثروا العرض (٣)
__________________
(١) وردت (حلت) بالحاء وهى خطأ فى النسخ.
(٢) أخطأ الناسخ إذ كتبها (لعلهم يرحمون)
(٣) وردت (الأرض) وهى خطأ فى النسخ فلفظة (عرض) مذكورة فى الآية.