قوله جل ذكره : (إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ).
من أمّل سبب إنعامنا لم تخسر له صفقة ، ولم تخفق (١) له فى الرجاء رفقة ، ويقال من نقل (....) (٢) إلى بابه قدمه لم يعدم فى الآجل نعمه ، ومن رفع إلى ساحات جوده هممه نال فى الحال كرمه.
ويقال من توصّل إليه بجوده نال فى الدارين شرفه. ومن اكتفى بجوده (٣) كان الله عنه خلفه.
قوله جل ذكره : (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٧١))
ليس من يأتى طوعا كمن يأتى جبرا ، فإن الذي يأتى قهرا لا يعرف للحق ـ سبحانه ـ قدرا ، وفى معناه أنشدوا :
إذا كان لا يرضيك إلا شفاعة |
|
فلا خير فى ود يكون لشافع |
وأنشدوا :
إذا أنا عاتبت الملول فإنّما |
|
أخطّ بأقلامى على الماء أحرفا |
وهبه ارعوى بعد العتاب |
|
ألم يكن تودده طبعا ، فصار تكلّفا؟ |
ويقال قصارى من أتى خيرا أن ينكص على عقبيه طوعا ، كذلك لمّا قابلوا الكتاب بالإجبار ما لبثوا حتى قابلوه بالتحريف.
قوله جل ذكره : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ
__________________
(١) وردت (تحقق) وهى خطأ فى النسخ لأن المعنى يرفضها.
(٢) مشتبهة وربما كانت (فى العاجل).
(٣) الأصوب أن تكون هذه (بوجوده) أي من فنى عن نفسه وبقي بالحق كان الحق عنه خلقه.