(فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوى (٦٢) قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِما وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى (٦٣) فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى (٦٤))
(فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ) ، أي تناظروا وتشاوروا ، يعني السحرة في أمر موسى سرا من فرعون. قال الكلبي : قالوا سرا إن غلبنا موسى اتبعناه. وقال محمد بن إسحاق : لما قال لهم موسى [ويلكم](١) لا تفتروا على الله كذبا ، قال بعضهم لبعض : ما هذا بقول ساحر (٢). (وَأَسَرُّوا النَّجْوى) ، أي المناجاة يكون مصدورا أو اسما ، ثم (قالُوا) ، وأسر بعضهم إلى بعض يتناجون ، إنّ هذين لساحران ، يعني موسى وهارون ، وقرأ ابن كثير وحفص : (إِنْ) بتخفيف النون ، (هذانِ) أي ما هذان إلا ساحران ، كقوله : (وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ) [الشعراء : ١٨٦] ، أي ما نظنك إلّا من الكاذبين ، وشدد ابن كثير النون من (هذانِ) ، وقرأ أبو عمرو (إِنْ) بتشديد النون هذين بالياء على الأصل ، وقرأ الآخرون : (إِنْ) بتشديد النون ، (هذانِ) بالألف واختلفوا فيه ، [فروي عن](٣) هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين : أنه خطأ من الكاتب (٤). وقال قوم : هو لغة بالحارث بن كعب وخثعم وكنانة فإنهم يجعلون الاثنين في موضع الرفع والنصب والخفض بالألف ، يقولون : أتاني الزيدان ورأيت الزيدان ومررت بالزيدان ، فلا يتركون ألف التثنية في شيء ، وكذلك يجعلون كل ياء ساكنة انفتح ما قبلها ألفا ، [كما في التثنية](٥) ، يقولون : كسرت يداه وركبت علاه ، يعني يديه وعليه. وقال شاعرهم :
تزود مني بين أذناه (٦) ضربة |
|
دعته إلى هابي (٧) التراب عقيم |
يريد بين أذنه. وقال آخر :
إن أباها وأبا أباها |
|
قد بلغا في المجد غايتاها (٨) |
وقيل : تقدير الآية أنه هذان ، فحذف الهاء ، وذهب جماعة إلى أن حرف أن هاهنا بمعنى نعم ، أي نعم هذان. روي أن أعرابيا سأل ابن الزبير شيئا فحرمه ، فقال : لعن الله ناقة حملتني إليك ، فقال ابن الزبير : إن وصاحبها ، أي : نعم. وقال الشاعر :
بكرت عليّ عواذلي |
|
يلحينني (٩) فألومهنّه |
ويقلن شيب قد علا |
|
ك وقد كبرت فقلت إنه |
أي : نعم. (يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ) ، مصر ، (بِسِحْرِهِما وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى) ، قال ابن عباس : يعني بسراة قومكم وأشرافكم ، يقال : هؤلاء طريقة قومهم أي أشرافهم ، والمثل تأنيث الأمثل
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المطبوع «الساحر».
(٣) في المطبوع «قرأ» وفي ـ ط ـ «فروى».
(٤) منكر. أخرجه أبو بكر بن أبي داود في «المصاحف» ص ٤٣ من طريق عمرو بن عبد الله الأودي ، وهو ثقة عن أبي معاوية عن هشام به ، وإسناده ضعيف ، فيه عنعنة أبي معاوية ، وهو مدلس ، والمتن منكر.
(٥) زيد في المطبوع و ـ ط.
(٦) في المطبوع «أدناه».
(٧) في المطبوع «هاني».
(٨) في المطبوع «غايتها».
(٩) في المطبوع «يلهمني».