عيسى ثنا قتيبة بن سعيد ثنا ابن لهيعة عن عبيد (١) الله بن المغيرة عن عبد الله بن الحارث بن جزء (٢) قال : ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
قال مقاتل : كان ضحك سليمان من قول النملة تعجبا لأن الإنسان إذا رأى ما لا عهد له به تعجب وضحك ثم حمد سليمان ربّه على ما أنعم عليه ، (وَقالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي) ، ألهمني ، (أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ) ، أي أدخلني في جملتهم ، وأثبت اسمي مع أسمائهم واحشرني في زمرتهم.
قال ابن عباس : يريد مع إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ، ومن بعدهم من النبيين. وقيل : أدخلني الجنة برحمتك من عبادك الصالحين.
قوله عزوجل : (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ) ، أي : طلبها وبحث عنها ، والتفقد طلب ما فقد ، ومعنى الآية : طلب ما فقد من الطير ، (فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ) ، أي ما للهدهد لا أراه ، تقول العرب : ما لي أراك كئيبا؟ أي ما لك؟ والهدهد : طائر معروف ، وكان سبب تفقد الهدهد وسؤاله عنه ، قيل : إخلاله بالنوبة ، وذلك أن سليمان كان إذا نزل منزلا يظله وجنده جناح الطير من الشمس فأصابته الشمس من موضع الهدهد ، فنظر فرآه خاليا.
وروي عن ابن عباس : أن الهدهد كان دليل سليمان على الماء وكان يعرف مواضع الماء ويرى الماء تحت الأرض ، كما يرى في الزجاجة ، ويعرف قربه وبعده فينقر الأرض ثم تجيء الشياطين فيسلخونه ويستخرجون الماء [منه](٣). قال سعيد بن جبير : لما ذكر ابن عباس هذا قال له نافع بن الأزرق : يا وصاف انظر ما تقول [في الهدهد](٤) إن الصبي منّا يضع الفخ ويحثو عليه التراب فيجىء الهدهد ولا يبصر الفخ إلا في عنقه [فكيف يبصر ما في الأرض من الماء](٥). فقال له ابن عباس : ويحك إن القدر إذا جاء حال دون البصر. وفي رواية : إذا نزل القضاء والقدر ذهب اللب وعمي البصر. فنزل سليمان منزلا فاحتاج إلى الماء فطلبوا فلم يجدوا ، فتفقد الهدهد ليدل على الماء ، فقال : ما لي لا أرى الهدهد ، على تقرير (٦) أنه مع جنوده ، وهم لا يراه ثم أدركه الشك في غيبته ، فقال : (أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ) ، يعني كان من الغائبين ، والميم صلة ، وقيل : أم بمعنى بل ، ثم أوعده على غيبته ، فقال :
__________________
ـ وهو في «سنن الترمذي» ٣٦٤١ عن قتيبة بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه أحمد ٤ / ١٩٠ و ١٩١ من طريقين عن ابن لهيعة به.
وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب!!. قلت : تفرد ابن لهيعة به.
ـ وخالفه الليث بن سعد ، فرواه عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الله بن الحارث بن جزء أخرجه الترمذي ٣٦٤٢ بلفظ «ما كان ضحك رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلّا تبسما».
وقال : هذا حديث صحيح غريب.
ـ قلت : رجاله ثقات مشاهير ، وهذا المتن له شواهد وهو المحفوظ.
(١) تصحف في المطبوع «عبد».
(٢) تصحف في المخطوط «حزم».
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) زيادة عن المخطوط.
(٦) في المخطوط «تقدير».