قوله تعالى : (وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) ، يحتاج إليه الملوك من الآلة والعدة ، (وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ) ، سرير ضخم كان مضروبا من الذهب مكللا بالدر والياقوت الأحمر والزبرجد الأخضر ، وقوائمه من الياقوت والزمرد عليه سبعة أبيات على كل بيت باب مغلق.
قال ابن عباس : كان عرش بلقيس ثلاثين ذراعا في ثلاثين ، وطوله في السماء ثلاثون ذراعا. وقال مقاتل : كان طوله ثمانين ذراعا [في ثمانين](١) وطوله في الهواء ثمانين ذراعا. وقيل : كان طوله ثمانين ذراعا وعرضه أربعين ذراعا وارتفاعه ثلاثين ذراعا.
(وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ) (٢٤).
(أَلَّا يَسْجُدُوا) ، قرأ [أبو جعفر](٢) والكسائي : «ألا يسجدوا» بالتخفيف ، وإذا وقفوا يقفون ألا يا. ثم (٣) يبدءون : اسجدوا ، على معنى : ألا يا هؤلاء اسجدوا ، وجعلوه أمرا من عند الله مستأنفا ، وحذفوا هؤلاء اكتفاء بدلالة يا عليها ، وذكر بعضهم سماعا من العرب ألا يا ارحمونا ، يريدون ألا يا قوم ، وقال الأخطل :
ألا يا اسلمي يا هند هند بنت بكر (٤) |
|
وإن كان [حيانا عدا](٥) آخر الدهر |
يريد ألا يا هند اسلمي ، وعلى هذا يكون قوله «ألا» كلاما معترضا من غير القصة إما من الهدهد وإما من سليمان. قال أبو عبيدة : هذا أمر من الله مستأنف يعني (٦) يا أيها الناس اسجدوا. وقرأ الآخرون : «ألا يسجدوا» بالتشديد بمعنى ، وزين لهم الشيطان أعمالهم لئلا يسجدوا ، (لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ) ، أي الخفي المخبّأ ، (فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ، أي ما خبأت. قال أكثر المفسرين : خبء السماء : المطر ، وخبء الأرض : النبات. وفي قراءة عبد الله : «يخرج الخبء من السموات والأرض» ، ومن وفي يتعاقبان تقول العرب لأستخرجن العلم فيكم ، يريد منكم. وقيل : معنى الخبء الغيب ، يريد يعلم غيب السموات والأرض ، (وَيَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ) ، قرأ الكسائي وحفص عن عاصم بالتاء فيهما لأن أول الآية خطاب على قراءة الكسائي بتخفيف ألا ، وقرأ الآخرون بالياء.
(اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) (٢٦) ، أي هو المستحق للعبادة والسجود لا غيره. وعرش
__________________
ـ وأخرجه البخاري ٧٠٩٩ والبيهقي ٣ / ٩٠ و ١٠ / ١١٧ من طريق عوف عن الحسن به.
ـ وأخرجه الترمذي ٢٣٦٢ والنسائي ٨ / ٢٢٧ وأحمد ٥ / ٤٣ والحاكم ٣ / ١١٨ و ٤ / ٢٩١ من طريق حميد عن الحسن به.
ـ وأخرجه ابن حبان ٤٥١٦ وأحمد ٥ / ٤٧ و ٥١ والقضاعي ٨٦٤ و ٨٦٥ من طرق عن مبارك بن فضالة عن الحسن به.
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المخطوط «حمزة» والمثبت عن المطبوع وكتب القراءات.
(٣) تصحفت العبارة في المطبوع «ألا يأثم».
(٤) في المطبوع «بدر».
(٥) في المطبوع «حي قاعدا» وفي المخطوط «حبانا عدا» والمثبت عن الطبري ٢٦٩٣٧.
(٦) زيد في المخطوط «ألا».