لملوك الأطراف ليس أحد منكم كفؤا لي ، وأبى أن يتزوج فيهم فزوجوه امرأة من الجن يقال لها ريحانة بنت السكن ، فولدت له بلقيس ، ولم يكن له ولد غيرها.
[١٥٩٧] وجاء في الحديث : «أن أحد أبوي بلقيس كان جنيا» فلما مات أبو بلقيس [ولم يكن له عقب يورث الملك غيرها](١) طمعت في الملك فطلبت من قومها أن يبايعوها فأطاعها قوم وعصاها قوم آخرون ، فملكوا عليهم رجلا وافترقوا فرقتين كل فرقة استولت على طرف من أرض اليمن ، ثم إن الرجل الذي ملكوه أساء السيرة في أهل مملكته حتى كان يمد يده إلى حرم رعيته ويفجر بهن فأراد قومه خلعه فلم يقدروا عليه ، فلما رأت ذلك بلقيس أدركتها الغيرة فأرسلت إليه تعرض نفسها عليه ، فأجابها الملك ، وقال : ما منعني أن أبتدئك بالخطبة إلّا اليأس منك ، فقالت : لا أرغب عنك كفؤ كريم ، فاجمع رجال قومي واخطبني إليهم ، فجمعهم وخطبها إليهم ، فقالوا : ألا تراها تفعل هذا ، فقال لهم إنها ابتدأتني وأنا أحب أن تسمعوا قولها فجاءوها فذكروا لها [ما كان من الملك](٢) ، فقالت : نعم أحببت الولد. فزوجوها منه ، فلما زفت إليه خرجت في أناس كثير من حشمها فلما جاءته [واجتمعت به](٣) سقته الخمر حتى سكر ، ثم جزت رأسه وانصرفت من الليل إلى منزلها ، فلما أصبح الناس رأوا الملك قتيلا ورأسه منصوب على باب دارها ، فعلموا أن تلك المناكحة كانت مكرا وخديعة منها ، فاجتمعوا إليها وقالوا أنت بهذا الملك أحق من غيرك فملّكوها [الملك وبايعوها بأجمعهم](٤).
[١٥٩٨] أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد](٥) المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا عثمان بن الهيثم أنا عوف عن الحسن عن أبي بكرة رضي الله عنه قال : لما بلغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن أهل فارس ملكوا عليهم بنت كسرى قال : «لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة».
__________________
[١٥٩٧] ـ باطل لا أصل له. أخرجه الطبري ٢٧٠٣٣ و ٢٧٠٣٤ وأبو الشيخ في «العظمة» ١١١٣ من حديث أبي هريرة ، وإسناده ضعيف جدا ، فيه سعيد بن بشير ضعفه غير واحد ، وقال ابن نمير : يروي عن قتادة المنكرات ا ه ـ من «الميزان» ٢ / ١٢٩. وهذا رواه عن قتادة ، وقتادة مدلس ، وقد عنعن ، والخبر غير صحيح بل هو باطل ، إذ لو صح لما اضطرب بعض الفقهاء في جواز نكاح الإنسي بجنية أو العكس ، ومن ثم اختلفوا هل يقع ذلك عقلا أم لا ، وقد أنكره جماعة من الفقهاء ، ومنهم المفسر الماوردي أحد أئمة الشافعية. راجع تفسيره ٤ / ٢١٦ والقول الصواب عدم صحة نكاح الإنسي جنية أو العكس ، وكل ما ورد من قصص وأخبار إنما هي خيالات.
وقد أخرجه الطبري ٢٦٩٤٨ عن قتادة من قوله ، وبرقم ٢٧٠٣١ عن محمد بن كعب القرظي أحد التابعين ، وبرقم ٢٧٠٣٢ عن مجاهد ، وهذا هو الراجح ، وثلاثتهم تلقوه عن كتب الأقدمين ، ولا أصل له في المرفوع.
[١٥٩٨] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ، فقد تفرد عن عثمان ، وباقي الإسناد رجال الشيخين.
ـ عوف هو ابن أبي جميلة ، الحسن هو ابن يسار البصري.
ـ وهو في «شرح السنة» ٢٤٨٠ بهذا الإسناد.
ـ وهو في «صحيح البخاري» ٤٤٢٥ عن عثمان بن الهيثم بهذا الإسناد.
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) زيادة عن المخطوط.