(فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥٠) وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٥١) الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (٥٢) وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (٥٣))
(فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ) ، أي : [إن](١) لم يأتوا بما طلبت ، (فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).
(وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ) ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : بينا ، قال الفراء : أنزلنا آيات القرآن يتبع بعضها بعضا قال قتادة : وصل لهم القول في هذا القرآن كيف صنع بمن مضى. قال مقاتل : بيّنا لكفار مكة ما في القرآن من أخبار الأمم الخالية كيف عذبوا بتكذيبهم ، وقال ابن زيد وصلنا لهم خبر الدنيا بخبر الآخرة حتى كأنهم عاينوا الآخرة في الدنيا ، (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ).
(الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ) ، من قبل محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وقيل من قبل القرآن ، (هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ) ، نزلت في مؤمني أهل الكتاب عبد الله بن سلام وأصحابه.
وقال مقاتل : بل هم أهل الإنجيل الذين قدموا من الحبشة وآمنوا بالنبي صلىاللهعليهوسلم.
[١٦١٣] وقال سعيد بن جبير : هم أربعون رجلا قدموا مع جعفر من الحبشة على النبي صلىاللهعليهوسلم فلما رأوا ما بالمسلمين من الخصاصة قالوا : يا نبي الله إن لنا أموالا فإن أذنت لنا انصرفنا وجئنا بأموالنا فواسينا المسلمين بها فأذن لهم فانصرفوا فأتوا بأموالهم فواسوا بها المسلمين ، فنزل فيهم : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) إلى قوله تعالى : (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) [القصص : ٥٤].
وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : نزلت في ثمانين من أهل الكتاب أربعون من نجران واثنان وثلاثون من [أهل](٢) الحبشة وثمانية من الشام ، ثم وصفهم الله فقال :
(وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ) ، يعني القرآن ، (قالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا).
وذلك أن ذكر النبي صلىاللهعليهوسلم كان مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل ، (إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ) ، أي من قبل القرآن مسلمين مخلصين لله بالتوحيد مؤمنين بمحمد صلىاللهعليهوسلم أنه نبي حق.
(أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٥٤) وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ (٥٥) إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (٥٦) وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٥٧) وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ (٥٨))
__________________
[١٦١٣] ـ ذكره المصنف هاهنا عن سعيد بن جبير مرسلا ، وسنده إليه في أول الكتاب.
ـ وأخرجه ابن أبي حاتم كما في «الدر» ٥ / ٢٥٢ عن سعيد بن جبير مرسلا ، والمرسل من قسم الضعيف.
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.