قال قتادة : يدخلون النار بغير حساب ولا سؤال ، وقال مجاهد : يعني لا يسأل الملائكة عنهم لأنهم يعرفونهم بسيماهم. وقال الحسن : لا يسألون سؤال استعلام وإنما يسألون سؤال تقريع وتوبيخ.
(فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ) ، قال إبراهيم النخعي : خرج هو وقومه في ثياب حمر وصفر ، وقال ابن زيد في سبعين ألفا عليهم المعصفرات. وقال مجاهد : على براذين بيض عليها سرج الأرجوان. قال مقاتل : خرج على بغلة شهباء عليها سرج من ذهب عليه الأرجوان ومعه أربعة آلاف فارس عليهم وعلى دوابهم الأرجوان ، ومعه ثلاثمائة جارية بيض عليهن الحلي والثياب الحمر وهن على البغال الشهب ، (قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) ، من المال.
(وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً وَلا يُلَقَّاها إِلاَّ الصَّابِرُونَ (٨٠) فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ (٨١) وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ (٨٢))
(وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : يعني الأحبار من بني إسرائيل. وقال مقاتل : أوتوا العلم بما وعد الله في الآخرة قالوا للذين تمنوا مثل ما أوتي قارون في الدنيا. (وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللهِ خَيْرٌ) ، يعني ما عند الله من الثواب والجزاء خير (لِمَنْ آمَنَ) ، وصدق بتوحيد الله ، (وَعَمِلَ صالِحاً) ، مما أوتي قارون في الدنيا ، (وَلا يُلَقَّاها إِلَّا الصَّابِرُونَ) ، قال مقاتل : لا يؤتاها ، يعني الأعمال الصالحة. وقال الكلبي : لا يعطاها في الآخرة. وقيل : لا يؤتى هذه الكلمة وهي قوله ويلكم ثواب الله خير إلا الصابرون على طاعة الله وعن زينة الدنيا.
قوله عزوجل : (فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ).
قال أهل العلم بالأخبار : كان قارون أعلم بني إسرائيل بعد موسى وهارون عليهماالسلام وأقرأهم للتوراة وأجملهم وأغناهم وكان حسن الصوت فبغى وطغى ، وكان أول طغيانه وعصيانه أن الله أوحى إلى موسى أن يأمر قومه أن يعلقوا في أرديتهم خيوطا أربعة في كل طرف خيطا أخضر كلون السماء يذكرونني به إذا نظروا إلى السماء ويعلمون أني منزل منها كلامي ، فقال موسى : يا رب أفلا تأمرهم أن يجعلوا أرديتهم كلها خضرا فإن بني إسرائيل تحقر هذه الخيوط ، فقال له ربه : يا موسى إن الصغير من أمري ليس بصغير فإذا هم لم يطيعوني في الأمر الصغير لم يطيعوني في الأمر الكبير ، فدعاهم موسى عليهالسلام وقال : إن الله يأمركم أن تجعلوا (١) في أرديتكم خيوطا خضرا كلون السماء لكي تذكروا ربكم إذا رأيتموها ففعلت بنو إسرائيل ما أمرهم به موسى واستكبر قارون فلم يطعه وقال إنما يفعل هذا الأرباب بعبيدهم لكي يتميزوا عن غيرهم فكان هذا بدء عصيانه وبغيه فلما قطع موسى ببني إسرائيل البحر جعلت الحبورة لهارون وهي رئاسة المذبح فكان بنو إسرائيل يأتون بهديهم إلى هارون فيضعه على المذبح فتنزل نار من السماء فتأكله ، فوجد قارون من ذلك في نفسه وأتى موسى فقال : يا موسى لك الرسالة ولهارون الحبورة ولست في شيء من ذلك ، وأنا أقرأ التوراة لا صبر لي على هذا ، فقال له موسى : ما أنا جعلتها في هارون بل الله جعلها له ، فقال قارون : والله لا أصدقك حتى تريني بيانه فجمع موسى رءوس بني
__________________
(١) في المطبوع «تعلقوا».