وَهامانَ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَما كانُوا سابِقِينَ (٣٩) فَكُلاًّ أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا وَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٤٠))
(وَعاداً وَثَمُودَ) ، أي وأهلكنا عادا وثمود ، (وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ) ، يا أهل مكة ، (مِنْ مَساكِنِهِمْ) ، منازلهم بالحجر واليمن ، (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ) [أي](١) عن سبيل الحق (وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ).
قال مقاتل والكلبي وقتادة : كانوا معجبين في دينهم وضلالتهم يحسبون أنهم على هدى ، وهم على الباطل ، والمعنى أنهم كانوا عند أنفسهم مستبصرين ، قال الفراء : كانوا عقلاء ذوي بصائر.
(وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ) ، أي وأهلكنا هؤلاء ، (وَلَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ) ، بالدلالات ، (فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَما كانُوا سابِقِينَ) ، أي فائتين من عذابنا.
(فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً) ، وهم قوم لوط ، والحاصب الريح التي تحمل الحصا وهي الحصا الصغار ، (وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ) ، يعني ثمود ، (وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ) ، يعني قارون وأصحابه ، (وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا) ، يعني قوم نوح وفرعون وقومه ، (وَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ).
(مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٤١) إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٤٢) وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلاَّ الْعالِمُونَ (٤٣) خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (٤٤) اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ (٤٥))
(مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ) ، أي الأصنام يرجون نصرها ونفعها ، (كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً) ، لنفسها تأوي إليه ، وإن بيتها في غاية الضعف والوهاء (٢) ، لا يدفع عنها حرا ولا بردا ، فكذلك الأوثان لا تملك لعابديها نفعا ولا ضرا. (وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ).
(إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٤٢) ، قرأ أهل البصرة وعاصم يدعون بالياء لذكر الأمم قبلها ، وقرأ الآخرون بالتاء.
(وَتِلْكَ الْأَمْثالُ) الأشباه ، والمثل كلام سائر يتضمن تشبيه الآخر بالأول يريد أمثال القرآن التي شبه بها أحوال كفار هذه الأمة بأحوال كفار الأمم المتقدمة ، (نَضْرِبُها) ، نبينها ، (لِلنَّاسِ) ، قال (٣) :
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المطبوع «والوهن».
(٣) زيد في المطبوع «عطاء».