قوله تعالى : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ) قرأ حمة والكسائي «تخرجون» بفتح التاء وضم الراء ، وقرأ الباقون بضم التاء وفتح الراء.
(وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ) ، أي خلق أصلكم يعني آدم من تراب ، (ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ) ، تنبسطون في الأرض.
(وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً) ، من جنسكم من بني آدم ، وقيل : خلق حواء من ضلع آدم ، (لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) ، جعل بين الزوجين المودة والرحمة فهما يتوادّان ويتراحمان وما شيء أحب إلى أحدهما من الآخر من غير رحم بينهما ، (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) ، في عظمة الله وقدرته.
(وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ) ، يعني اختلاف اللغات من العربية والعجمية وغيرهما ، (وَأَلْوانِكُمْ) ، أبيض وأسود وأحمر وأنتم ولد رجل واحد وامرأة واحدة ، (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ) ، قرأ حفص : «للعالمين» بكسر اللام.
(وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ ،) أي منامكم بالليل وابتغاؤكم من فضله بالنهار أي تصرفكم في طلب المعيشة ، (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) ، سماع تدبر واعتبار.
(وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٢٤) وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (٢٥) وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ (٢٦) وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٧))
(وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً) ، للمسافر من الصواعق ، (وَطَمَعاً) ، للمقيم في المطر. (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ ،) يعني بالمطر ، (الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها ،) أي بعد يبسها وجدوبتها ، (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ).
(وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ). قال ابن مسعود : قامتا على غير عمد بأمره. وقيل :
يدوم قيامهما بأمره ، (ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ) ، قال ابن عباس : من القبور ، (إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ) ، منها وأكثر العلماء على أن معنى الآية ثم إذا دعاكم دعوة إذا أنتم تخرجون من الأرض.
(وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ) ، مطيعون ، قال الكلبي : هذا خاص لمن كان منهم مطيعا. وعن ابن عباس : كل له مطيعون في الحياد والبقاء والموت والبعث وإن عصوا في العبادة.
(وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) ، يخلقهم أولا ثم يعيده مبعد الموت للبعث ، (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) ، قال الربعي بن خيثم و [الحسن و](١) قتادة والكلبي : أي هو هين عليه وما شيء عليه بعزيز ، وهو [في](٢) رواية العوفي عن ابن عباس ، وقد يجيء أفعل بمعنى الفاعل كقول الفرزدق :
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.