محمد بن إسماعيل أنا أبو الوليد أنا شعبة عن الأعمش قال : سمعت أبا وائل قال : سمعت عبد الله قال : قسم النبي صلىاللهعليهوسلم قسما ، فقال رجل : إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله ، فأتيت النبي صلىاللهعليهوسلم فأخبرته ، فغضب حتى رأيت الغضب في وجهه ، ثم قال : «يرحم (١) الله موسى لقد أوذي أكثر من هذا فصبر».
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً) (٧٠) ، قال ابن عباس : صوابا. وقال قتادة : عدلا. وقال الحسن : صدقا. وقيل : مستقيما. وقال عكرمة هو : قول لا إله إلا الله.
(يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ) ، قال ابن عباس : يتقبل حسناتكم. وقال مقاتل : يزكي أعمالكم ، (وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً) ، أي ظفر بالخير كله.
قوله تعالى : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ) ، الآية. وأراد بالأمانة الطاعة والفرائض التي فرضها الله على عباده ، عرضها على السماوات والأرض والجبال على أنهم إن أدوها أثابهم وإن ضيعوها عذبهم ، وهذا قول ابن عباس.
وقال ابن مسعود : الأمانة أداء الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت وصدق الحديث وقضاء الدين والعدل في المكيال والميزان ، وأشد من هذا كله الودائع. وقال مجاهد : الأمانة الفرائض. وحدود الدّين. وقال أبو العالية : ما أمروا به ونهوا عنه. وقال زيد بن أسلم : هو الصوم والغسل من الجنابة ، وما يخفى من الشرائع.
وقال عبد الله بن عمرو بن العاص : أول ما خلق الله من الإنسان فرجه وقال هذه أمانة استودعتكها ، فالفرج أمانة والأذن أمانة والعين أمانة واليد أمانة والرجل أمانة ولا إيمان لمن لا أمانة له. وقال بعضهم : هي أمانات الناس والوفاء بالعهد ، فحق على كل مؤمن أن لا يغش مؤمنا ولا معاهدا في شيء قليل ولا كثير ، وهي رواية الضحاك عن ابن عباس ، فعرض الله هذه الأمانة على أعيان السموات والأرض والجبال ، هذا قول ابن عباس وجماعة من التابعين وأكثر السلف ، فقال لهن أتحملن هذه الأمانة بما فيها؟ قلن : وما فيها؟ قال : إن أحسنتن جوزيتن وإن عصيتن عوقبتن ، فقلن : لا يا رب نحن مسخرات لأمرك لا نريد ثوابا ولا عقابا ، وقلن ذلك خوفا وخشية وتعظيما لدين الله أن لا يقيمن بها لا معصية ولا مخالفة ، وكان العرض عليهن تخييرا لا إلزاما ولو ألزمهن لم يمتنعن من حملها ، والجمادات كلها خاضعة لله عزوجل مطيعة ساجدة له كما قال جلّ ذكره في السموات والأرض : (ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) [فصلت : ١١] ، وقال للحجارة : (وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ) [البقرة : ٢٧٤] وقال تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُ) [الحج : ١٨] الآية.
وقال بعض أهل العلم : ركّب الله عزوجل فيهنّ العقل والفهم حين عرض الأمانة عليهن حتى عقلن الخطاب وأجبن بما أجبن ، وقال بعضهم : المراد من العرض على السموات والأرض هو العرض
__________________
ـ وأخرجه البخاري ٦٣٣٦ وأحمد ١ / ٤١١ و ٤٤١ من طريقين عن شعبة به.
ـ وأخرجه البخاري ٤٣٣٥ و ٦٠٠٩ و ٦١٠٠ ومسلم ١٠٦٢ ج ١٤١ وابن حبان ٢٩١٧ وأحمد ١ / ٢٣٥ والبغوي في «شرح السنة» ٣٥٦٥ من طرق عن الأعمش به.
(١) في المطبوع «رحم».