فلله درّه ما كان أصبره على تلك الشدة ، وأشبهه بأبي بكر الصدّيق أيام الردّة.
وقال شيخ الإسلام الأنصاري (١) رحمة الله عليه : عرضت على السيف أربع مرات ، وما قيل لي اترك مذهبك ، إنما قيل لي : اسكت عن مخالفيك ، فلم أفعل (٢).
ثم هدّدهم وتوعدهم بقوله : (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ) ، أي : عذاب نفسه ، (وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ).
قوله : (قُلْ إِنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ) الصدر محل القلب ، ويعبّر به عنه ، والمعنى : إن تخفوا ما في صدوركم ، من موالاة الكفار ، ومعاداتهم وغير ذلك ، (يَعْلَمْهُ اللهُ) المعنى : ويجازيكم عليه ، ثم أكد ذلك بتمام الآية.
قوله : (يَوْمَ تَجِدُ) العامل في" يوم تجد" : " يحذّركم" ، أو فعل مضمر ، أو" تودّ" (٣).
وقال ابن الأنباري (٤) : يجوز أن يكون متعلقا بقوله : "(وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ)" أي : وإلى الله المصير يوم تجد (٥).
__________________
(١) عبد الله بن محمد الأنصاري ، أبو إسماعيل الهروي ، الفقيه ، المفسر الحافظ ، الواعظ ، إمام الحنابلة في عصره. كان شديدا على المبتدعة ، متمسكا بالسّنّة ، توفي سنة إحدى وثمانين وأربعمائة بهراة (المنتظم ٩ / ٤٤ ـ ٤٥ ، وسير أعلام النبلاء ١٨ / ٥٠٣ ، وذيل طبقات الحنابلة لابن رجب ١ / ٥٠).
(٢) سير أعلام النبلاء (١٨ / ٥٠٩).
(٣) انظر : الدر المصون (٢ / ٦٢ ـ ٦٣).
(٤) محمد بن القاسم بن محمد ، أبو بكر بن الأنباري ، النحوي ، صاحب التصانيف الكثيرة في علوم القرآن وغريب الحديث والمشكل ، وكان علامة وقته في الآداب وأكثرهم حفظا لها ، توفي سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة (إنباه الرواة ٣ / ٢٠١ ، ووفيات الأعيان ٤ / ٣٤١).
(٥) انظر : زاد المسير (١ / ٣٧٢).