كالزرع الذي حصد بعضه وبقي بعضه قائما على ساقه لم يحصد.
(وَما ظَلَمْناهُمْ) بالعذاب (وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) بارتكاب ما أوجبه من الكفر والمعاصي ، (فَما أَغْنَتْ) أي : ما نفعتهم ولا دفعت (عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ) أي : يعبدون ، وهي حكاية حال ماضية ، (مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ) بالهلاك والعذاب ، و «لما» منصوب ب «ما أغنت» ، (وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ) أي : تخسير. يقال : تبّ ؛ إذا خسر ، وتبّبه غيره ؛ أوقعه في الخسران (١).
فإن قيل : «آلهتهم» جماد ، فكيف نسب الزيادة إليها؟
قلت : المعنى : وما زادتهم عبادتهم لها. أو ما زادوهم يوم القيامة حين ينطقها الله الذي لا يعجزه شيء للبراءة منهم غير تتبيب.
(وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (١٠٢) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (١٠٣) وَما نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ (١٠٤) يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ) (١٠٥)
قوله تعالى : (وَكَذلِكَ) الكاف في محل الرفع ، أي : ومثل ذلك الأخذ (أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ) الواو للحال من «القرى» ، وصف القرى بالظلم ، والمراد : أهلها.
(إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ) وجيع (شَدِيدٌ) صعب على المأخوذ. وفي ذلك تخويف
__________________
(١) انظر : اللسان (مادة : تبب).