(فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (١٠٦) خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) (١٠٧)
قوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ) قال الزجاج (١) : هما من [أصوات](٢) المكروبين المحزونين.
وزعم أهل اللغة من البصريين والكوفيين : أن الزفير بمنزلة ابتداء صوت الحمار في النهيق ، والشهيق بمنزلة آخر صوته في النهيق.
قال ابن فارس (٣) : الزّفير ضد الشّهيق ؛ لأن الزّفير إخراج النّفس ، والشّهيق ردّ النّفس.
(خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) أي : سماوات الآخرة وأرضها ، وهي دائمة مخلوقة للأبد. والدليل على أن لها سماوات وأرضا قوله تعالى : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ) [إبراهيم : ٤٨] ، وقوله تعالى : (وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ) [الزمر : ٧٤].
ولأنه لا بد لأهل الآخرة مما يقلّهم ويظلّهم. هذا قول صاحب الكشاف (٤).
وهو معنى قول الضحاك : ما دامت سماوات الجنة والنار وأرضهما (٥).
__________________
(١) معاني الزجاج (٣ / ٧٩). وانظر : الوسيط (٢ / ٥٩١) ، وزاد المسير (٤ / ١٥٩).
(٢) في الأصل : الأصوات. والتصويب من الوسيط (٢ / ٥٩١) ، وزاد المسير (٤ / ١٥٩).
(٣) معجم مقاييس اللغة (٣ / ٢٢٢ ـ ٢٢٣).
(٤) الكشاف (٢ / ٤٠٥).
(٥) ذكره الماوردي (٢ / ٥٠٥) ، والواحدي في الوسيط (٢ / ٥٩١) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٤ / ١٦٠).