والأكثرون على أنها السموات المعروفة والأرض المعهودة ، وأن ذلك عبارة عن التأبيد ونفي الانقطاع ؛ كقول العرب : ما أقام ثبير وما لاح كوكب.
قال ابن الأنباري وابن قتيبة (١) : للعرب في معنى الأبد ألفاظ ، تقول : لا أفعل ذلك ما اختلف الليل والنهار ، وما دامت السماوات والأرض ، وما [اختلفت](٢) الجرّة [والدّرّة](٣) ، وما أطّت الإبل (٤) ، في أشباه كثيرة لهذا ، ظنا منهم أن هذه الأشياء لا تتغير ، فخاطبهم الله بما يستعملون في كلامهم.
قوله تعالى : (إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) اختلفوا في هذا الاستثناء ؛ فقال ابن عباس : هذا الاستثناء في حقّ الموحّدين الذين يخرجون بالشفاعة (٥).
وفي رواية عنه قال : قد شاء أن يخلدوا فيها (٦). وهذا معنى قول الفراء (٧) :
__________________
(١) تأويل مشكل القرآن (ص : ٧٦). وانظر قول ابن الأنباري وابن قتيبة في : الوسيط (٢ / ٥٩١) ، وزاد المسير (٤ / ١٥٩).
(٢) في الأصل : اختلف. والتصويب من الوسيط (٢ / ٥٩١) ، وزاد المسير (٤ / ١٥٩) ، واللسان ، مادة : (درر).
(٣) في الأصل : والذرة. والتصويب من الوسيط (٢ / ٥٩١) ، وزاد المسير (٤ / ١٥٩).
(٤) الجرّة : ما يخرجه كل ذي كرش. قال ابن سيده : والجرّة : ما يفيض به البعير من كرشه فيأكله ثانية ، وقد اجترّت الناقة والشاة وأجرّت (اللسان ، مادة : جرر).
والدّرّة : كثرة اللبن وسيلانه (اللسان ، مادة : درر).
وأطّت الإبل : أنّت تعبا أو حنينا (اللسان ، مادة : أطط).
(٥) أخرج نحوه ابن أبي حاتم (٦ / ٢٠٨٦). وذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٤ / ١٦٠) ، وبنحوه السيوطي في الدر (٤ / ٤٧٥ ـ ٤٧٦) وعزاه لابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه.
(٦) زاد المسير (٤ / ١٦٠).
(٧) معاني الفراء (٢ / ٢٨).