وقول الفراء وابن كيسان هاهنا في الاستثناء على حسب ما تقدم.
فصل
قال الزمخشري (١) : هو استثناء من الخلود في عذاب النار ، ومن الخلود في نعيم الجنة ، وذلك أن أهل النار لا يخلدون في عذاب النار وحده ، بل يعذبون بالزمهرير وبأنواع من العذاب سوى عذاب النار ، وبما هو أغلظ منها ، وهو سخط الله عليهم وإهانته لهم ، وكذلك أهل الجنة لهم سوى الجنة ما هو أكبر منها وأجلّ موقعا [منهم](٢) ، وهو رضوان الله تعالى ، كما قال : (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ) [التوبة : ٧٢] ، ولهم ما يتفضل الله به عليهم سوى ثواب الجنة ، فهو المراد بالاستثناء ... إلى أن قال : فتأمله ، فإن القرآن يصدّق بعضه بعضا. ولا يخدعنك قول الجبرية : أن المراد بالاستثناء : خروج أهل [الكبائر](٣) من النار بالشفاعة ، فإن الاستثناء الثاني ينادي على تكذيبهم ، ويسجل بافترائهم. وما ظنك بقوم نبذوا كتاب الله ؛ لما روي لهم [بعض الثوابت](٤).
عن عبد الله بن عمرو بن العاص : «ليأتين على جهنم يوم تصطفق فيه أبوابها ليس فيها أحد ، وذلك بعد ما يلبثون فيها أحقابا».
ثم قال (٥) : ما كان لابن عمرو في سيفه ومقاتلته علي بن أبي طالب ما يشغله
__________________
(١) الكشاف (٢ / ٤٠٥ ـ ٤٠٦).
(٢) في الأصل : منها. والتصويب من الكشاف (٢ / ٤٠٥).
(٣) في الأصل : النار. والمثبت من الكشاف ، الموضع السابق.
(٤) زيادة من الكشاف ، الموضع السابق.
(٥) أي : الزمخشري.