وسوّدت وجوهنا ، وأزريت بأبيك الصدّيق؟ فقال : وضع الصاع في رحلي الذي وضع الدراهم في رحالكم.
والكناية في قوله : (ثُمَّ اسْتَخْرَجَها) تعود إلى السقاية أو إلى الصواع ، فإنه ـ كما سبق ـ تذكّر وتؤنّث ، أو إلى السرقة.
(كَذلِكَ) أي : مثل ذلك الكيد العظيم (كِدْنا لِيُوسُفَ) علّمناه إما بطريق الإلهام أو بطريق الوحي ليتوصل إلى مقصوده بألطف حيلة.
وقوله : (ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ) تفسير الكيد وبيان لأنه كان في دين الملك ، وحكمه : أن يضرب السارق ويغرم ضعفي ما سرق ، فأجرى الله على ألسنة إخوته ما يجزى به السارق في حكمهم وقضائهم ، لطفا منه بيوسف ، ليتوصل إلى مراده من اجتماعه بأخيه.
(إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) قال الزجاج (١) : موضع «أن» نصب ، لما سقطت الباء أفضى إلى الفعل فنصب. المعنى : ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا بمشيئة الله.
(نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ) بالعلم والحلم وقهر الهوى والتوفيق للهدى كما فعلنا بيوسف ، وقرأت ليعقوب : «يرفع درجات من يشاء» بالياء فيهما (٢) ، عائدا إلى اسم الله تعالى.
(وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) حتى ينتهي العلم إلى الله تعالى.
__________________
(١) معاني الزجاج (٣ / ١٢٢).
(٢) النشر لابن الجزري (٢ / ٢٩٦) ، وإتحاف فضلاء البشر (ص : ٢٦٦).