والسمير بمعنى : المعاشر (١) والمسامر ، ومنه : (وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا) [مريم : ٥٢]. وبمعنى المصدر الذي هو التناجي ، كقوله : النجوى بمعناه. ومنه قيل : قوم نجيّ ، كما قيل : (وَإِذْ هُمْ نَجْوى) تنزيلا للمصدر منزلة الأوصاف ، ويجوز أن يقال : هم نجى ، كما يقال : هم صديق ؛ لأنه بزنة المصادر وجمع أنجية. قال :
إني إذا ما القوم كانوا أنجيه (٢)
والمعنى : كانوا ذوي نجوى ، أو فوجا نجيا ، أي : مناجيا لمناجاة بعضهم بعضا.
(قالَ كَبِيرُهُمْ) إن أريد كبيرهم في السن : فهو روبيل ، وإليه ذهب قتادة وكعب والسدي (٣).
__________________
(١) في الأصل زيادة : والمعاشر. وانظر : الكشاف (٢ / ٤٦٥).
(٢) البيت من الرجز ، وهو لسحيم بن وثيل اليربوعي ، انظر : النوادر لأبي زيد (ص : ١١) ، وأمالي ابن الشجري (٢ / ٢٥) ، وتهذيب اللغة (١١ / ١٩٩) ، واللسان (مادة : روي ، نجا) ، والقرطبي (٩ / ٢٤١) ، وزاد المسير (٤ / ٢٦٦) ، والبحر المحيط (٥ / ٣٣١) ، والدر المصون (٤ / ٢٠٥) ، وروح المعاني (١٣ / ٣٥).
(٣) أخرجه الطبري (١٣ / ٣٤) ، وابن أبي حاتم (٧ / ٢١٨١). وذكره السيوطي في الدر (٤ / ٥٦٥) وعزاه لأبي الشيخ.
وهذا القول هو اختيار ابن جرير قال : وأولى الأقوال في ذلك بالصحة قول من قال عنى بقوله : قالَ كَبِيرُهُمْ روبيل لإجماع جميعهم على أنه كان أكبرهم سنا ، ولا تفهم العرب في المخاطبة إذا قيل لهم : فلان كبير القوم مطلقا بغير وصل إلا أحد معنيين إما في الرياسة عليهم والسؤدد وإما في السن. فأما في العقل فإنهم إذا أرادوا ذلك وصلوه فقالوا : هو كبيرهم في العقل ، فأما إذا أطلق بغير صلته بذلك فلا يفهم إلا ما ذكرت. وقد قال أهل التأويل : لم يكن لشمعون وإن كان قد كان من العلم والعقل بالمكان الذي جعله الله به على إخوته رياسة وسؤدد فيعلم بذلك أنه عنى بقوله : قالَ كَبِيرُهُمْ فإذا كان ذلك كذلك فلم يبق إلا الوجه الآخر وهو الكبر في السن ، وقد قال الذين ـ