يكون ما قاله ابن عباس وغيره مقولا مستنبطا من الآية.
(وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) من آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ، فتوفاه الله تعالى طيبا طاهرا فتخاصم أهل مصر [وتشاحّوا](١) في دفنه ، حتى هموا بأن يقتتلوا ، كل يحبّ أن يدفن في [محلته](٢) رجاء بركته ، فأجمعوا على دفنه في النيل ليمر عليه الماء فتصل بركته إلى الجميع ، فجعلوه في صندوق مرمر ودفنوه في النيل ؛ ليكونوا فيه شرعا واحدا (٣) ، فلم يبرح في موضعه حتى أخرجه موسى صلىاللهعليهوسلم حين خرج ببني إسرائيل من مصر ، فدفنه عند آبائه بأرض كنعان (٤).
قال الحسن : مات وهو ابن مائة وعشرين سنة (٥) ، ويقال : في التوراة : وهو ابن مائة وستين.
(ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (١٠٢) وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (١٠٣) وَما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ) (١٠٤)
قوله تعالى : (ذلِكَ) مبتدأ ، خبره (مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ)(٦) ، أي :
__________________
(١) في الأصل : وتشاحنوا. وانظر : الوسيط (٢ / ٦٣٦) ، وزاد المسير (٤ / ٢٩٢).
وتشاحوا : أي : تنازعوا. انظر : اللسان مادة : (شحح).
(٢) في الأصل : مجلسه. والتصويب من الوسيط وزاد المسير ، الموضعان السابقان.
(٣) أي : سواء ومتساوون لا فضل لأحدهم فيه على الآخر (انظر : اللسان ، مادة : شرع).
(٤) ذكره الواحدي في الوسيط (٢ / ٦٣٦) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٤ / ٢٩٢).
(٥) زاد المسير (٤ / ٢٩٢).
(٦) الدر المصون (٤ / ٢١٧).