قال سعيد بن جبير : نقل يعقوب في تابوت [من](١) ساج إلى بيت المقدس ، فمن ثم تنقل اليهود موتاهم إلى بيت المقدس ، من فعل ذلك منهم (٢).
(رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) (١٠١)
فلما تم أمره واستفحل ملكه وقرّت عينه وجمع شمله ، طمحت نفسه الأبية وهمته الشريفة النبوية إلى النعمة الدائمة والملك الذي لا يبلى ، فتمنى الموت ، فقال : (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) وقد سبق تفسيرها.
و «من» فيها للتبعيض.
(فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي) الذي يتولاني في الدارين بنعمته ، وتوصل الملك الفاني بالملك الباقي (تَوَفَّنِي مُسْلِماً) قال ابن عباس : لم يتمنّ الموت نبي قبله (٣).
وقال ابن عقيل : لم يتمنّ الموت ، وإنما سأل الله أن يموت على صفة (٤).
فالمعنى : توفني إذا توفيتني مسلما (٥) ، وهذا هو مدلول الآية ، اللهم إلا أن
__________________
(١) زيادة من المصدرين التاليين.
(٢) ذكره البغوي (٢ / ٤٥١) ، والقرطبي (٩ / ٢٦٨).
(٣) أخرجه الطبري (١٣ / ٧٣) ، وابن أبي حاتم (٧ / ٢٢٠٤). وذكره السيوطي في الدر (٤ / ٥٩١) وعزاه لابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
(٤) زاد المسير (٤ / ٢٩٢).
(٥) قال ابن الجوزي في زاد المسير (٤ / ٢٩٢) : قال الشيخ : وهذا الصحيح.