قوله تعالى : (وَقَدْ أَحْسَنَ بِي) يقال : أحسن إليه وأحسن به ، وكذلك أساءا إليه وآساءا به. قال كثيّر :
أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة |
|
لدينا ولا مقليّة إن تقلّت (١) |
(إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ) وقد ذكرنا مدة لبثه فيه ، (وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ) البادية. قال ابن عباس : كانوا أهل عمود وماشية (٢).
وإنما اقتصر على ذكر السجن دون الجب ؛ تكرّما وحسن عشرة مع إخوته ، كراهة أن يواجههم [ويذكّرهم](٣) بقبيح صنعهم به وفاء لهم بما وعدهم به في قوله : (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ).
(مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ) أي : أفسد (بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ) سبق تفسير «اللطيف» في الأنعام (٤).
وقال المفسرون : معناه : إن ربي عالم بدقائق الأمور (٥).
(إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) قال العلماء بالسير : أقام يعقوب عليهالسلام بعد قدومه مصر أربعا وعشرين سنة ، ثم مات ، وأوصى أن يدفن بالشام إلى جانب أبيه إسحاق عليهالسلام ، وكان عمره يوم مات مائة وسبعا وأربعين سنة (٦).
__________________
(١) سبق تخريجه.
(٢) زاد المسير (٤ / ٢٩١).
(٣) في الأصل : وذكرهم. والصواب ما أثبتناه.
(٤) آية رقم : ١٠٢.
(٥) ذكره الواحدي في الوسيط (٢ / ٦٣٦) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٤ / ٢٩١).
(٦) انظر : تهذيب الأسماء للنووي (٢ / ٤٦٠) ، والوسيط للواحدي (٢ / ٦٣٦) ، وزاد المسير لابن الجوزي (٤ / ٢٩١ ـ ٢٩٢).