يمدّ يديه إلى البئر فلا تبلغ قعر البئر ، والماء لا يرتفع إلى يده (١).
وقيل : شبّهوا في عدم نفعهم بدعائهم آلهتهم بشخص يريد أن يقبض الماء ناشرا أصابعه ليوصله إلى فيه.
والعرب تقول لمن خاب مسعاه ولم ينل ما رجاه : هو كالقابض على الماء ، وأنشدوا :
فأصبحت مما كان بيني وبينها |
|
من الودّ مثل القابض الماء باليد (٢) |
وهذا قول أبي عبيدة وابن قتيبة (٣).
فإن قيل : اللام من «ليبلغ» بما يتعلق؟
قلت : ب «باسط كفيه».
(وَما هُوَ بِبالِغِهِ) أي : ما الماء ببالغ فاه.
وقيل : وما فوه ببالغ الماء.
فإن قيل : هل يجوز أن يكون التقدير : وما فوه ببالغه الماء ، فيكون فاعل «بالغه» ضمير «الماء»؟
قلت : لا يجوز ؛ لأن اسم الفاعل إذا جرى على غير من هو له ظهر فيه ما يتضمنه من الضمير. فإذا قلت : (وَما هُوَ بِبالِغِهِ) ويكون «هو» ضمير «فيه» ،
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٣ / ١٢٩) عن علي رضي الله عنه. وذكره السيوطي في الدر (٤ / ٦٢٨ ـ ٦٢٩) وعزاه للطبري. ومن طريق آخر عن عطاء.
(٢) البيت لضابئ بن الحارث البرجمي. وانظر البيت في : البحر (٥ / ٣٦٨) ، وروح المعاني (١٣ / ١٢٥) ، والقرطبي (٩ / ٣٠٠) ، والطبري (١٣ / ١٢٩).
(٣) مجاز القرآن (١ / ٣٢٧) ، وتفسير غريب القرآن (ص : ٢٢٦).