إقراركم أن الله تعالى هو رب السموات والأرض.
وقوله : (لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا) في موضع نصب. المعنى : فاتخذتم أولياء عجزة لا يقدرون أن ينفعوا أنفسهم ولا يدفعوا عنها ضررا.
فإن قيل : لم قدّم النفع على الضرّ ، وأخّره في الفرقان فقال : (لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً) [الفرقان : ٣]؟
قلت : قدّم هنا الأفضل على الأنقص ، فإن اجتلاب النفع أشرف وأفضل من رفع الضرر وهو رتبة فوقه ، فالكلام على رتبته ، وفي الفرقان بناه على ما قبله من قوله : (لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ) [الفرقان : ٣] ، فقوله : (لا يَخْلُقُونَ) نفي ، (وَهُمْ يُخْلَقُونَ) إثبات ، فقدّم الضر لأنه نفى المفاسد على النفع ؛ لأنه إثبات المصالح حملا على ما قبله من تقديم النفي على الإثبات.
ثم ضرب الله تعالى مثلا للمؤمنين في الإيمان والكفر فقال : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ) سبق تفسيره.
وقرأ أهل الكوفة إلا حفصا : «يستوي الظلمات» بالياء ، وقرأ الباقون بالتاء (١). فمن قرأ بالتاء ؛ فلأنه فعل مؤنث لم يفصل بينه وبين فاعله شيء. ومن قرأ بالياء ؛ فلأنه تأنيث غير حقيقي ، والفعل مقدم فالتذكير سائغ.
(أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ) بل أجعلوا لله شركاء (٢) ، الاستفهام للإنكار ،
__________________
(١) الحجة للفارسي (٣ / ٨) ، والحجة لابن زنجلة (ص : ٣٧٢ ـ ٣٧٣) ، والكشف (٢ / ١٩ ـ ٢٠) ، والنشر لابن الجزري (٢ / ٢٩٧) ، وإتحاف فضلاء البشر (ص : ٢٧٠) ، والسبعة في القراءات (ص : ٣٥٨).
(٢) في الأصل زيادة : من.