و (خَلَقُوا) في محل النصب صفة ل «شركاء» (١).
يعني : لم يتخذوا شركاء خالقين قد خلقوا مثل خلق الله ، فتشابه خلق الله وخلق الشركاء عليهم ؛ لكونهم اتخذوا شركاء عاجزين لا يقدرون على ما يقدر عليه المخلوق ، فضلا عن الخالق.
(قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) أي : كل شيء يصح أن يكون مخلوقا لا خالق سواه ، (وَهُوَ الْواحِدُ) المتفرد بالربوبية (الْقَهَّارُ) وغيره المقهور.
(أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ) (١٧)
قوله تعالى : (أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) يعني : المطر (فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها) هذا من مجاز الكلام ؛ لأن الأودية لا تسيل ، وإنما تسيل مياهها.
والمعنى : سالت أودية بقدرها على حسب مجاريها ، إن صغر الوادي قلّ الماء ، وإن اتّسع كثر الماء. هذا قول أكثر المفسرين (٢).
وقال صاحب الكشاف (٣) : المعنى : فسالت أودية بقدرها الذي عرف الله تعالى أنه نافع للممطر عليهم غير ضار لهم ، ألا ترى إلى قوله : (وَأَمَّا ما يَنْفَعُ
__________________
(١) الدر المصون (٤ / ٢٣٧).
(٢) ذكره الواحدي في الوسيط (٣ / ١٢) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٤ / ٣٢١).
(٣) الكشاف (٢ / ٤٩٣).