النَّاسَ) لأنه ضرب [المطر](١) مثلا للحق ، فوجب أن يكون مطرا خالصا للنفع ، ولا يكون كبعض الأمطار والسيول الجواحف.
وقرأت ليعقوب من رواية أبي حاتم عنه : «بقدرها» بسكون الدال ، وهي قراءة الحسن وأبي العالية وسعيد بن جبير في آخرين (٢).
(فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً) عاليا طافيا على وجه الماء. وهذا مثل ضربه الله تعالى أيضا للحق وأهله ، والباطل وحزبه ، فمثل الحق هو القرآن وغيره من أسباب الهدى بالماء النازل من السماء ، ومثّل قلوب الناس بالأودية ، فكلّ قلب يحمل بقدر ما فيه من اليقين والعقل ، والشك والجهل.
قال ابن عباس : الزبد الرابي : هو الشك والكفر (٣).
ثم ضرب كذلك مثلا آخر فقال : (وَمِمَّا) توقدون (عَلَيْهِ فِي النَّارِ) قرأ أهل الكوفة إلا أبا بكر : «يوقدون» بالياء على الغيبة ، حملا على قوله : (أَمْ جَعَلُوا) ، وقرأ الباقون بالتاء ، حملا على قوله : «أفاتخذتم» (٤).
وقوله : (فِي النَّارِ) متعلق بمحذوف في موضع الحال من الضمير المجرور بقوله : «على» ، أي ما توقدون عليه ثابتا في النار (٥) ، (ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ) أي : مبتغين
__________________
(١) في الأصل : للمطر. والتصويب من الكشاف (٢ / ٤٩٣).
(٢) إتحاف فضلاء البشر (ص : ٢٧٠).
(٣) قال ابن عباس في تفسيره (ص : ٢٩٨) : وهو الشك. وانظر : الوسيط (٣ / ١٢).
(٤) الحجة للفارسي (٣ / ٩) ، والحجة لابن زنجلة (ص : ٣٧٣) ، والكشف (٢ / ٢٢) ، والنشر في القراءات العشر (٢ / ٢٩٨) ، وإتحاف فضلاء البشر (ص : ٢٧٠) ، والسبعة في القراءات (ص : ٣٥٨ ـ ٣٥٩).
(٥) التبيان (٢ / ٦٣) ، والدر المصون (٤ / ٢٣٨).