ويروى أنهم قالوا : العجب أن الله لم يجد رسولا يرسله إلى الناس إلا يتيم أبي طالب ، فأنزل الله : (أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ)(١) يعرفونه ويألفونه.
و «أن» في قوله : (أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ) في محل النصب ب «أوحينا».
وقال الزمخشري (٢) : هي أن المفسرة ؛ لأن الإيحاء فيه معنى القول ، ويجوز أن تكون المخففة من الثقيلة ، وأصله : أنه أنذر الناس ، على معنى : أن الشأن قولنا : أنذر الناس.
(وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ) أي : بشرهم بأن لهم سابقة وفضلا ومنزلة ورفعة عند ربهم.
فإن قلت : لم سمّيت السابقة قدما؟
قلت : لما كان السعي والسبق بالقدم سميت المسعاة الجميلة والسابقة قدما ، كما سمّيت النعمة يدا ؛ لأنها تعطى باليد ، وإضافته إلى «صدق» دلالة على زيادة فضل ، وأنه من السوابق العظيمة.
وقال ابن الجوزي رحمهالله (٣) : العرب تجعل القدم كناية عن العمل [الذي](٤) يتقدم فيه ولا يقع فيه تأخير.
قال ذو الرمة :
__________________
(١) ذكره الواحدي في الوسيط (٢ / ٥٣٨).
(٢) الكشاف (٢ / ٣١٣).
(٣) زاد المسير (٤ / ٦).
(٤) زيادة من زاد المسير ، الموضع السابق.