(فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْناهُمْ خَلائِفَ) يخلفون الهالكين بالغرق ، كما قال : (وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ) [الصافات : ٧٧] ، وذلك أن الناس بعد الغرق صاروا من ذرية نوح ، وهلك أهل الأرض جميعا بتكذيبهم لنوح سوى ذريته الذين نجوا معه ، وذلك قوله : (وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَانْظُرْ) يا محمد (كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ) أي : آخر أمر الذين أنذرتهم الرسل فلم يؤمنوا.
(ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذلِكَ نَطْبَعُ عَلى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ (٧٤) ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى وَهارُونَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ بِآياتِنا فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ (٧٥) فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا إِنَّ هذا لَسِحْرٌ مُبِينٌ (٧٦) قالَ مُوسى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَكُمْ أَسِحْرٌ هذا وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ (٧٧) قالُوا أَجِئْتَنا لِتَلْفِتَنا عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ وَما نَحْنُ لَكُما بِمُؤْمِنِينَ) (٧٨)
قوله تعالى : (ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِ) أي : من بعد نوح.
(رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ) قال ابن عباس : يريد : إبراهيم وهودا ولوطا وصالحا وشعيبا (١).
(فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) بالحجج البالغة الشاهدة بصدق دعواهم (فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا) أي : فما كان أولئك الأقوام ليؤمنوا (بِما كَذَّبُوا بِهِ) أي : بما كذب به قوم
__________________
(١) ذكره الواحدي في الوسيط (٢ / ٥٥٥) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٤ / ٤٩).