والغمّة : السترة ، من غمّه ؛ إذا ستره (١). ومنها قوله عليه الصلاة والسّلام : «ولا غمة في فرائض الله» (٢) ، أي : لا سترة ، ولكن يجاهر بها ، يعني : لا يكن قصدكم إلى إهلاكي مستورا عليكم ، ولكن مكشوفا مشهورا تجاهرونني به.
(ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَ) ذلك الأمر الذي تريدون بي ، أي : أدّوا إليّ قطعه وتصحيحه ، كقوله : (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ) [الحجر : ٦٦] ، أو أدّوا إليّ ما هو حق عليكم عندكم من هلاكي ، كما يقضي الرجل غريمه ، (وَلا تُنْظِرُونِ) ولا تمهلون.
وقيل : امضوا ما في أنفسكم واحكموه وافرغوا منه ، يقال : قضى فلان ؛ إذا مات ومضى ، وقضى دينه ؛ إذا أدّاه وفرغ منه.
وقرئ شاذا : «ثم افضوا إليّ» بالفاء (٣) ، أي : انتهوا إليّ بشرّكم.
وقيل : هو من أفضى الرّجل ؛ إذا خرج [إلى](٤) الفضاء (٥) ، أي : أصحروا به إليّ وأبرزوه لي.
(فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ) أي : أعرضتم عن تذكيري بآيات الله (فَما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ) على تذكيري ونصيحتي وإبلاغي رسالة ربي ، فيكون ذلك سببا لتولّيكم عنّي ونفرتكم مني ، (إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ) أي : ما ثوابي إلا عليه ، (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) الذي من شأنهم الاستسلام لله ، والتوكل عليه ، والالتجاء إليه.
__________________
(١) انظر : اللسان ، مادة : (غمم).
(٢) ذكره القرطبي (٢٠ / ٢١٣).
(٣) البحر المحيط (٥ / ١٧٩).
(٤) زيادة من الكشاف (٢ / ٣٤٢).
(٥) انظر : اللسان ، مادة : فضا.