(ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً) قال الزجاج (١) : المعنى : ليكن أمركم ظاهرا منكشفا ، ويجوز «ثم لا يكن أمركم عليكم غمة» أي : غمّا.
قال الزمخشري (٢) : فإن قلت : ما معنى الأمرين؟ أمرهم الذي يجمعونه ، وأمرهم الذي لا يكون عليهم غمة؟
قلت : أما الأمر الأول : فالقصد إلى إهلاكه ، يعني : فأجمعوا ما تريدون من إهلاكي واحتشدوا فيه ، وابذلوا وسعكم في كيدي ، وإنما قال ذلك ؛ إظهارا لقلة مبالاته [وثقته](٣) بما وعده ربه من كلاءته وعصمته [إياه](٤) ، وأنهم لن يجدوا إليه سبيلا.
وأما الثاني ففيه وجهان :
أحدهما : أن يراد : أهلكوني لئلا يكون عيشكم بسببي غصة وحالكم عليكم غمة ، أي : غمّا وهمّا ، [والغمّ](٥) والغمّة كالكرب والكربة ، وأنشد قول الخنساء :
وذي كربة أرخى ابن عمرو خناقه |
|
وغمّته عن وجهه فتجلّت (٦) |
والثاني : أن يراد به ما أريد بالأمر الأول.
__________________
(١) معاني الزجاج (٣ / ٢٨).
(٢) الكشاف (٢ / ٣٤٢).
(٣) في الأصل : وثقة. والتصويب من الكشاف (٢ / ٣٤٢).
(٤) زيادة من الكشاف ، الموضع السابق.
(٥) مثل السابق.
(٦) البيت للخنساء. انظر : ديوانها (ص : ٢٦) وفيه : " ومختنق راخى" بدل : " وذي كربة أرخى" ، والطبري (١١ / ١٤٣).