الْمُفْسِدِينَ (٩١) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ) (٩٢)
قوله تعالى : (وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ) «جاوزنا» : عبرنا بهم البحر.
قال أبو عبيدة (١) : أتبعهم [وتبعهم](٢) سواء.
والمعنى : لحقهم فرعون وجنوده. وقد ذكرنا قصتهم في البقرة.
(بَغْياً وَعَدْواً) أي : ظلما وعدوانا ، (حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ) قرأ حمزة والكسائي : «إنه» بكسر الهمزة على الاستئناف ، بدلا من «آمنت» ، وفتحها الباقون على تقدير : بأنه (٣) ، فلما سقطت الباء أفضى الفعل فنصب.
قال الزمخشري (٤) : كرّر المخذول المعنى الواحد ثلاث مرات في ثلاث عبارات حرصا على القبول ، ثم لم يقبل منه حيث أخطأ وقته.
وقال ابن الأنباري (٥) : جنح فرعون إلى التوبة حين أغلق بابها ؛ بحضور الموت ومعاينته الملائكة ، فقيل له : (آلْآنَ) أي : في هذا الوقت وقت الاضطرار تؤمن (وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) باستعبادك خلقي ، وجحدك حقي ،
__________________
(١) مجاز القرآن (١ / ٢٨١).
(٢) في الأصل : واتبعهم. والتصويب من مجاز القرآن ، الموضع السابق.
(٣) الحجة للفارسي (٢ / ٣٧٣) ، والحجة لابن زنجلة (ص : ٣٣٦) ، والكشف (١ / ٥٢٢) ، والنشر (٢ / ٢٨٧) ، وإتحاف فضلاء البشر (ص : ٢٥٤) ، والسبعة في القراءات (ص : ٣٣٠).
(٤) الكشاف (٢ / ٣٤٩).
(٥) انظر : زاد المسير (٤ / ٥٩ ـ ٦٠).