جعلته حالا من قوله : [«استقيما» ، وتقديره](١) : استقيما غير متبعين.
وقال أبو الحسن الأصبهاني صاحب كشف المشكلات (٢) : من شدّد النون كان نهيا بعد أمر ، ومن خفّف النون كان قوله : (وَلا تَتَّبِعانِّ) في موضع الحال ، أي : استقيما غير متبعين ، وأنشدوا قول الفرزدق :
بأيدي رجال لم يشيموا سيوفهم |
|
ولم تكثر القتلى بها حين سلّت (٣) |
أي : لم يشيموا غير كاثرة بها القتلى ، والمعنى : لم يشيموا سيوفهم إلا في تلك الحالة.
قوله تعالى : (وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) معناه : لا تتبعان طريق الجهلة فرعون وقومه ومن شابههم ، وهذا كما قال لنوح : (إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) [هود : ٤٦] ، وكما قال لنبينا عليه الصلاة والسّلام : (وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) [الجاثية : ١٨].
(وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩٠) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ
__________________
(١) زيادة من الحجة (٢ / ٣٧٣).
(٢) كشف المشكلات (١ / ٢٠٤ ، ٥١٧).
(٣) البيت للفرزدق. انظر : ديوانه (ص : ١٣٩) " طبعة الصاوي" ، واللسان ، مادة : (خرر ، شيم) ، والحجة للفارسي (٢ / ٣٧٣) ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي (ص : ١٢٢) ، وشرح شواهد المغني (ص : ٧٧٨) ، وتذكرة النحاة (ص : ٦٢٠) ، وشرح المفصل (٢ / ٦٧) ، ومغني اللبيب (ص : ٣٦٠).