قالوا : لم يقذف البحر سواه.
وقال السدي : دعا موسى حين قال بنو إسرائيل : لم يغرق فرعون ، فخرج في ستمائة ألف وعشرين ألفا عليهم الحديد (١).
ثم نبّه على علّة تنجيته ببدنه فقال : (لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً) أي : لتكون لمن خلفك من الناس عبرة ونكالا إلى يوم القيامة ، أو لتكون لمن خلفك من الناس علامة على هلاكك ومهانتك وبطلان إلاهيتك ، مع ما في ضمن ذلك من تطييب قلوب بني إسرائيل وتشفّيهم منه برؤيتهم إياه غريقا مهينا ، ودفع ما عساه يتوهمه أغمارهم وأغباؤهم من خيانة بعد إخبار موسى بهلاكه ، وتكذيب من قال منهم : هو أعظم شأنا من أن يموت أو يغرق ، وترغيم متّخذيه إلها.
وقرأ علي عليهالسلام وابن السميفع وأبو المتوكل وأبو الجوزاء : «لمن خلقك» بفتح اللام والقاف (٢) ، على معنى : لتكون لخالقك آية على قدرته وعظمته وانتقامه من [المنتهكين](٣) حماه ، وإظهار تصرفاته فيك ما بين إحياء وإماتة ، وإعزاز وإذلال ، أيها الطاغي الباغي بادّعائه الربوبية.
(وَلَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جاءَهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) (٩٣)
__________________
(١) زاد المسير (٤ / ٦١).
(٢) زاد المسير (٤ / ٦٢).
(٣) في الأصل : المتهكين. والصواب ما أثبتناه.