والسّلام : اصبر على ما يقولون ، وعظّم أمر معصية الله تعالى في أعينهم بذكر قصة داود ، وهو أنه نبي من أنبياء الله تعالى قد أولاه ما أولاه من النبوة والملك ، لكرامته عليه وزلفته [لديه](١) ، ثم زلّ زلة فبعث الله تعالى [إليه](٢) الملائكة ووبّخه عليها ، على طريق التمثيل والتعريض ، حتى فطن لما وقع فيه فاستغفر وأناب ، ووجد منه ما يحكى من بكائه الدائم وغمّه الواصب ، فما الظن بكم مع كفركم ومعاصيكم؟ أو قال له صلىاللهعليهوسلم : اصبر على ما يقولون ، وصن نفسك وحافظ عليها أن تزلّ فيما كلّفت من مصابرتهم وتحمّل أذاهم ، واذكر أخاك داود وكرامته على الله كيف زلّ تلك الزلّة اليسيرة ، فلقي من توبيخ الله وتظليمه ونسبته إلى البغي ما لقي.
(ذَا الْأَيْدِ) ذا القوة في الدين المضطلع بمشاقّه وتكاليفه (٣) ، فإنه صلىاللهعليهوسلم كان يصوم يوما ويفطر يوما ، ـ وهذا أشق شيء نجده على النفس ـ ، ويقوم نصف الليل.
(إِنَّهُ أَوَّابٌ) رجّاع عن كل ما يكره الله تعالى.
(إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ) وهو وقت إضاءة الشمس وصفاء شعاعها.
قال الزجاج (٤) : يقال : شرقت الشمس ؛ إذا طلعت ، وأشرقت ؛ إذا أضاءت (٥).
__________________
(١) في الأصل : يديه. والتصويب من الكشاف (٤ / ٧٩).
(٢) زيادة من الكشاف ، الموضع السابق.
(٣) في الأصل : بمشاقصوا تكاليفه. وقد صححت على الهامش بقوله : لعله : بمشاقه وتكاليفه. والمثبت من : الكشاف (٤ / ٧٩).
(٤) معاني الزجاج (٤ / ٣٢٤).
(٥) انظر : اللسان (مادة : شرق).