والذي بعدها مفسّرة في سورة النحل (١).
قوله تعالى : (أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ) قرأ أهل الكوفة إلا أبا بكر : " ينشّأ" بضم الياء وفتح النون وتشديد الشين. وقرأ الباقون بفتح الياء وسكون النون وتخفيف الشين (٢). فمن خفّف بناه على الثلاثي ، من قولهم : نشأ الغلام ، ونشأت الجارية ، فهو فعل لا يتعدى. ومن شدّد بناه على الرباعي بتضعيف العين ، على : نشّأ ينشّأ ، مثل : قتّل يقتّل ، وهو أيضا إنكار عليهم وتوبيخ لهم ، على معنى : أجعلتم من هو بهذه الصفة المذمومة ولدا للرحمن عزوجل ، وهو يربّى في الزينة والنعمة ، فإذا التفّت عليه المحافل في الخصام والجدال ، غير مبين بحجة ، لضعف عقله ونقصان فطرته.
قال قتادة في هذه الآية : قلما تتكلم امرأة تريد أن تتكلم بحجتها إلا تكلمت بالحجة عليها (٣).
قال بعض العلماء (٤) : وفي هذه الآية تنبيه على أن النّشء في الزينة والنعومة من المعايب والمذام ، وأنه وصف ربات الحجال ، ولذلك عدّوا قول الحطيئة في الزبرقان :
__________________
(١) عند الآية رقم : ٥٨.
(٢) الحجة للفارسي (٣ / ٣٦٩) ، والحجة لابن زنجلة (ص : ٦٤٦) ، والكشف (٢ / ٢٥٥) ، والنشر (٢ / ٣٦٨) ، والإتحاف (ص : ٣٨٥) ، والسبعة (ص : ٥٨٤).
(٣) أخرجه الطبري (٢٥ / ٥٧). وذكره السيوطي في الدر (٧ / ٣٧٠) وعزاه لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر.
(٤) هو الزمخشري ، انظر : الكشاف (٤ / ٢٤٧).