معنى المضمومة : يعرضون. يعني : يصدّون من الصّدود. وهو قول الأخفش وقطرب (١) ، على معنى : إذا قومك من أجل هذا المثل يصدون عن الحق ويعرضون عنه.
(وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ) قرأ أهل الكوفة : " أآلهتنا" بهمزتين محققتين بعدهما ألف ، وقرأ الباقون بتحقيق الأولى وتليين الثانية ، واتفقوا على ترك الفصل بينهما (٢).
والمعنى : أن آلهتنا عندك ليست خيرا من عيسى ، فإذا كان عيسى من حصب جهنم كان أمر آلهتنا هينا.
(ما ضَرَبُوهُ) أي : ما ضربوا هذا المثل (لَكَ إِلَّا جَدَلاً) لأجل الجدال ، لا طلبا للتمييز بين الحق والباطل ، وهو حال على معنى : ما ضربوه لك إلا جدلين ؛ لأنهم قد علموا أن المراد بذلك آلهتهم.
(بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ) لك ، شداد الخصومة.
قوله تعالى : (إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ) يعني : عيسى (أَنْعَمْنا عَلَيْهِ) بالنبوة والكتاب (وَجَعَلْناهُ) حيث خلقناه من غير ذكر (مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ) عبرة عجيبة وآية عظيمة لهم.
(وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ) أي : لولدنا منكم يا بني آدم بقدرتنا التي نجبل بها ما نشاء إلى ما نشاء (مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ) كم فيها كما يخلفكم أولادكم.
وفي هذا إيذان بكمال قدرة الله تعالى جلّت عظمته وتعريض لنفي ما أثبتوه
__________________
(١) ذكره الماوردي (٥ / ٢٣٤).
(٢) الحجة للفارسي (٣ / ٣٨٤) ، والحجة لابن زنجلة (ص : ٦٥٣) ، والكشف (٢ / ٢٦٠) ، والإتحاف (ص : ٣٨٦) ، والسبعة (ص : ٥٨٧).