كتمانه ، فإذا لم ينقل والحال هذه علم كونه كذباً.
ومنها : أن تكون الحاجة ماسَّة في باب الدّين إلى نقله ، فإذا لم ينقل كما نقلت نظائره ، علم بطلانه.
ومنها : أن يكون في الأصل وقع شائعاً ذائعاً ، ومثله في العادة لا يضعف نقله ، بل يكون حاله في الاستمرار كحاله في الأوَّل.
واعلم أنّ هذه الوجوه إن صحّت كلُّها أو بعضها ، فإنّما هي تفصيل لما أجملناه في قولنا : بدليل عقلىّ ؛ لأنّ الأدلَّة العقليّة المبتنية على العادات واختيارها إليها فزع من ألحق هذه الوجوه ، فما صحَّ منها من كلّ أو بعض فهو داخل في الجملة الَّتي ذكرناها»(١).
ثانياً : الحديث الصحيح عند القدماء واختلافهم مع المتأخّرين :
من الواضح أنّ الحديث عند قدماء أصحابنا نوعان : صحيح ـ وإن شئت قلت معتبر ـ وضعيف ، وهذا لا يخفى على من سبر كتبهم.
كما أنّه لا إشكال في أنّ الصحيح عند القدماء ليس مساوق للصحيح عند المتأخّرين ، فتوصيف الخبر بالصحّة عند القدماء لأجل القرائن الداخلية أو الخارجية.
فما قاله المحدّث النوري رحمهالله بأنّ الصحيح عند القدماء هو نفسه عند
__________________
(١) الذريعة : ٢/٣٥ ـ ٣٧.