فيه من حيث وجب الاقتداء به ، وفي استحالة تعبدنا بالأفعال القبيحة دليل على أنّ من أوجب علينا الاقتداء به لابدّ أن يكون ذلك منه مأموناً ، ولا يكون كذلك إلاّ وهو معصوم(١).
ولا يلزم على ذلك عصمة الأمراء والحكّام ؛ لأنّهم متى ما لم يكونوا معصومين ، أحوجناهم إلى رئيس يكون فوقهم ، وهو الإمام ، وأمّا الإمام فهو رئيس الكلّ ، ولا رئيس له ، ولا يد فوق يده ، فتجب له العصمة(٢).
وهذه العصمة واجبة عقلاً وسمعاً :
ـ أمّا من جهة العقل : فلمّا يترتب على القول بعدم عصمته من المفاسد الآتية :
١ ـ لزوم اجتماع النقيضين : لوجوب اتّباعه ووجوب الامتناع عن فعل المعصية ، فعلى تقدير وقوع المعصية منه يلزم اتّباعه فيها والامتناع عنها ، وهو تكليف بما لا يطاق.
٢ ـ لزوم الدور والتسلسل : لأنّ الوجه في الاحتياج إلى الإمام هو تصحيح أخطاء الأمّة ، كالنبيّ ، فلو وقع منه الخطأ لزم تصحيحه من إمام آخر ، فيدور أو يتسلسل.
٣ ـ لزوم نفي الغرض : لأنّ الغرض من الإمامة هو هداية العباد إلى ما فيه صلاحهم ، ونهيهم عمّا فيه مفسدة لهم ، فبتقدير وقوع المعصية منه جاز
__________________
(١) الشافي في الإمامة ج١ ص٣٠٩.
(٢) شرح جمل العلم والعمل ص١٩٤.