ذلك في كتبنا ، فأمر الله تعالى بالعدول عن ذلك ليكون دلالة على صدقه وتكذيباً لليهود الرادّين عليه وهذا جواب أبي علي بن عبد الوهّاب الجبائي(١).
أقول : لو كان الأمر على ما ذكره الجبائي لقال : لا أعلمه لكونه أصرح لمراده.
وثانيها : أنّهم سألوه عن الروح هل هي محدثة مخلوقة ، أو ليست ذلك ، فأجابهم أنّها من أمر ربّي ، وهذا جوابهم عمّا سألوا عنه بعينه ؛ إذ(٢) لا فرق أن يقول في الجواب : إنها محدثة مخلوقة وبين قوله : (مِن أمرِ ربّي) ، لأنّه أراد أنّها من فعله وخلقه وسواء على هذا الجواب أن تكون الروح التي سألوا عنها هي التي بها قوام الجسد أو عيسى أو جبريل (ع).
أقول : سؤالهم عن الروح التي(٣) هي النفس الناطقة فقط.
وثالثها : أنّهم سألوه عن الروح الذي هو القرآن فقال : إنّه من أمر ربّي وليس من فعل المخلوقين ولا ممّا يدخل في إمكانهم ، فقد وقع الجواب موقعه وهذا جواب الحسن البصري ، ويقويه قوله تعالى بعد هذه الآية : (وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذي أَوْحَيْنا إلَيْكَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا
__________________
(١) ح (م) : لا يخفى أنّه يلزم الكذب للرسول ، لأنّهم يقولون : إنّه عالم بالروح لكن لم يظهر بقول لهم لتكذيبهم له فهو لا يرد عليه.
(٢) ر : (إذ).
(٣) م : (الذي).