الادعاءات ، الافتراضات ، أخبار الآحاد ، الاتهامات ، الشبهات ، المحاولات.
ورصد هذه الظواهر يحتم مسايرة الموضوع لجزئياتها ، ولدى مسايرة الموضوع بجزئياته ، والظواهر بحيثياتها ، تجلى بطلان قسم منها ، وفشل القسم الآخر ، وتعثر الجزء الأخير في تحقيق الدعوى.
وسنقف عند هذه الظواهر وقفة المقوم المتحدي ، والناقد الموضوعي.
أولا : الادعاءات ، ويثيرها عادة زمرة من المستشرقين دون أساس يعتمد عليه ، حتى بدا بعضهم متردداً متخاذلاً ، والبعض الآخر متحاملاً.
فمع الجهد الكبير الذي بذله المستشرق الألماني الدكتور تيودور نولدكه ( ١٨٣٦ م ـ ١٩٣٠ م ) في كتابه القيم عن تأريخ القرآن ؛ إلا أننا نجد موقفه احياناً غريباً ومتناقضاً ، ففي الوقت الذي يعقد فيه بكتابه فصلاً بعنوان : ( الوحي الذي نزل على محمد ولم يحفظ في القرآن ) والذي يبدو فيه قائلا بالتحريف تلميحاً ، نجده يصرح بذلك في مادة قرآن بدائرة المعارف الإسلامية فيقول : « إنه مما لا شك فيه أن هناك فقرات من القرآن ضاعت ويثني على هذا الموضوع الخطي في دائرة المعارف البريطانية ، مادة قرآن فيقول : « إن القرآن غير كامل الأجزاء » (١).
وجملة ما أثاره لا يعدو الادعاءات التي يصعب معها الاستدلال المنطقي ، ويبدو أن نولدكه قد تنازل عن آرائه وتراجع عنها شيئاً ما ، فحينما ظهر كتاب المستشرق الألماني « فوللرز » عن لغة الكتابة واللغة الشعبية عند العرب القدماء ، أثار نقاشا حادا ، فقد زعم « فوللرز » في كتابه هذا أن القرآن الكريم قد ألف بلهجة قريش ، وأنه قد عدّل وهذب حسب أصول اللغة الفصحى في عصر ازدهار الحضارة العربية ، وقد انبرى نولدكه نفسه للرد عليه موضحا أن كلامه عار من الصحة والتحقيق العلميين (٢).
__________________
(١) المؤلف ، المستشرقون والدراسات القرآنية : ٣٠ وانظر مصدره.
(٢) ظ : آلبرت ديتريش ، الدراسات العربية في ألمانيا : ١٣.