نصابه ، وإلغاء سمات التحريف ، فكيف يصح أن يقع في عهده ، وهو من هو في ذات الله .
٢ ـ إن الإمام علي عليهالسلام احتج بالقرآن على أهل الجمل ، ودعي إليه في التحكيم مع أهل صفين ، فلو كان في القرآن ما ليس منه ، أو أنه لم يشتمل على كل القرآن ، لما صح له به الاحتجاج ، ولا قبوله في التحكيم ، وهذا أمر مشهور لا يحتاج معه إلى برهان .
٣ ـ إن خطب الإمام علي عليهالسلام في نهج البلاغة ، تشير إلى القرآن في كثير من التفصيلات هداية واسترشاداً وتوجيهاً للناس ، فلو كان هناك مما يدعى شيء لأبان ذلك على الأقل وأنكره ، ولاحتج فيه على من تقدمه ، فلما لم يفعل ذلك علمنا بسلامة القرآن .
« أما دعوى وقوع التحريف بعد زمان الخلفاء لم يدعها أحد فيما تعلم ، غير أنها نسبت إلى بعض القائلين بالتحريف ، فادعى أن الحجاج لما قام بنصرة بني أمية اسقط من القرآن آيات كثيرة كانت قد نزلت فيهم . . .
وهذه الدعوى تشبه هذيان المحمومين . . . فإن الحجاج واحد من ولاة بني أمية ، وهو أقصر باعاً ، وأصغر قدراً من أن ينال القرآن بشيء ، بل وهو أعجز من أن يغير شيئاً من الفروع الإسلامية ، فكيف يغير ما هو أساس الدين وقوام الشريعة ، وكيف لم يذكر هذا الخطب العظيم مؤرخ في تأريخه » (١) .
إذن فالافتراضات الموهومة جميعاً لا تقوم على أساس علمي أو عقلي ، فهي مرفوضة جملة وتفصيلاً ، بعد أن ثبت بطلانها جزئية جزئية ، وفرضية فرضية .
ثالثاً : الروايات ، والتي عبرنا عنها بأنها أخبار أحاد ، وهو كذلك ، فهي متناثرة هنا وهناك ، ويستنتج منها وقوع التحريف تصريحاً أو تلميحاً ، ولكنها لا تصلح دليلاً في قضية ، ولا برهاناً على دعوى ، إذ لم تبلغ حد
__________________
(١) الخوئي ، البيان : ٢١٩ .