وتابعه على هذا المستشرق الألماني الأستاذ كارل بروكلمان فقال :
« حقاً فتحت الكتابة التي لم تكن قد وصلت بعد إلى درجة الكمال ، مجالاً لبعض الاختلاف في القراءة ، لا سيما إذا كانت غير كاملة النقط ، ولا مشتملة على رسوم الحركات ، فاشتغل القرّاء على هذا الأساس بتصحيح القراءات واختلافها » (١) .
وقد أكد بروكلمان هذا المعنى فيما بعد وقال : « جمع عثمان المسلمين على نص قرآني موحد ، وهذا النص الذي لم يكن كاملاً في شكله ونقطه ، كان سبباً في إيجاد اختلافات كثيرة ، ولذلك ظهرت عدة مدارس في بعض مدن الدولة الإسلامية ، وبخاصة في مكة والمدينة والبصرة والكوفة ، استمرت كل منها في رواية طريقة للقراءة والنطق ، معتمدة في ذلك على أحد الشيوخ . . . ولقد تبين على مر الزمن أن الدقة في الرواية الشفوية ، التي كانت مرعية في بادىء الأمر ، لا يمكن اتباعها دائماً بسبب عدد من الأشياء الصغيرة التي وجب المحافظة عليها » (٢) .
ومع أن هذا الرأي قد لقي نقداً وتجريحاً من قبل بعض الدارسين العرب (٣) . إلا أنه لقي بالوقت نفسه تأييداً من قبل آخرين أمثال الدكتور جواد علي والدكتور صلاح الدين المنجد (٤) . لما يحمله في طياته من بعض وجوه الصحة .
لقد كان الاختلاف في القراءة شائعاً ، فأراد النص التدويني للمصحف العثماني ، قطع ذلك الاختلاف ، فكان سبيلاً إلى التوحيد ، وهذا لا يمانع أن ينشأ بعد هذا التوحيد بعض الخلاف الذي جاء اجتهاداً في أصول الخط المكتوب ، فنشأ عنه قسم من القراءات .
إن ما يستدل به حول تفنيد موقع الكتابة المصحفية من نشوء بعض
__________________
(١) بروكلمان ، تاريخ الأدب العربي : ١ / ١٤٠ .
(٢) المصدر نفسه : ٤ / ١ وما بعدها .
(٣) ظ : عبد الوهاب حمودة ، القراءات واللهجات + عبد الصبور شاهين ، تأريخ القرآن : .
(٤) ظ : جواد علي ، لهجة القرآن : الكريم ، مجلة المجمع العلمي العراقي : ١٩٥٥ + صلاح الدين المنجد ، دراسات في تأريخ الخط العربي : ٤٢ .