وحقا إن الزكى أبا محمد سلام الله عليه في المدة القصيرة التي عاشها بعد ابيه تحمل من الرزايا والمحن ما لم يحتملها نبي ، وما هي بأقل من المصائب التي جرت على أخيه أبي عبد الله «ع» يوم الطف ، فان النكبة الأليمة ، والضربة الأثيمة في الأخوين واحدة وإن اختلفت الأشكال والأساليب ، وكما أن الحسين قابل رزاياه بالصبر الذي عجبت منه ملائكة السماوات ، فكذلك الحسن قاتل عدوه ، وقابل الامة وارزائه بصبر عجيب. وصدر رحيب ما هان يوما ولا لان ، ولا تضرع ولا استكان ، وما أخذ من امواله التي اغتصبها معاوية منه وصارت العوبة بايدى بنى أميّة ، ما أخذ واحدا من آلاف بل من مئات الآلاف وكما لا مساغ للتفاضل بين هذين النيرين ، كذلك لا يصح القول بأن صبر الحسن دون صبر الحسين ، أو ان مصيبته اهون المصيبتين ، فسلام الله عليكما يا إمامى الهدى وسليلى على والزهراء ما ازهرت الفضيلة واكفهرت الرذيلة.
واختم كلمتي بابيات من خاتمة قصيدة رثاء لسيد الشهداء نظمتها منذ مدة تزيد على خمسين سنة استهلها :
حذوا الماء من
عيني والنار من قلبي |
|
ولا تحملوا
للبرق منا ولا السحب |
واختها :
بنى الشرف
الوضاح والحسب الذي |
|
تناهي فاضحى قاب
قوسين للرب |
لئن عدت الأحساب
للفخر اوغدت |
|
تطاول بالأنساب
سيارة الشهب |
فما نسبي إلا
انتسابي إليكم |
|
وما حسبي إلا
بأنكم حسبى |
حرر هذه الكلمة بانامله الرقيمة ، واقلامه السقيمة مرتجلا مترسلا في بضع سويعات آخرها يوم الحادي والعشرين من شهر رمضان يوم وفاة سيد الوصيين وإمام الصديقين امير المؤمنين عليه آلاف السلام والتحية سنة ١٣٧٣ هـ
محمد الحسين آل كاشف الغطاء
بمدرسة العلمية بالنجف الاشرف