وقبض الحسن يده ، فانثالوا نحو الحسين ، وهم يهتقون :
( ابسط يدك نبايعك على ما بايعنا عليه أباك ، وعلى حرب المحلين الضالين أهل الشام ).
فردعهم الحسين قائلا :
( معاذ الله أن أبايعكم ما كان الحسن حيا ).
وبعد ما رفض الحسين (ع) طلبهم أقبلوا نحو الحسن فبايعوه وهم مكرهون (١) وهذا القول بعيد فانه يدل على رغبة الامام في السلم فى أول الأمر وهو مناف لمواقفه العديدة فى إمضائه للحرب وعدم رغبته فى الموادعة والمسالمة مع خصمه كما ـ سنذكره بالتفصيل ـ ولو سلمنا صحة ذلك فانما كان مع الخوارج الذين يريدون خلق الاضطرابات والشغب في المجتمع العراقي واذاعة الخوف والارهاب بينهم بعزم الامام على الحرب ويدل على ذلك إحجامهم عن البيعة فى أول الأمر وذلك يكشف عن اضطراب نفوسهم وعدم ثقتهم وايمانهم بالخليفة الجديد ، وهذا مما عرفت به الخوارج وأما شيعته وأصحابه وخواصه فان نفوسهم قد ملئت ايمانا وثقة وحبا واخلاصا له.
ومهما يكن من شي ، فان هذا الحديث كما كان يتضمن السلم كذلك يتضمن إمضاء الحرب والتصميم عليه ، فهو جامع بين الأمرين السلم لمن دخل في الطاعة والحرب لمن خرج عنها سواء أكانوا من الخوارج أم من أهل الشام ولكن
__________________
ـ وتقوم هذه النظرية على اساس ان الاجتماع الذي يقع بين الناس في صورة شعب أو أمة انما يقوم على تعاقد بين الافراد ... فكل فرد قد دخل مع أفراد فراد مجتمعه فى عملية تعاقد ، ويقضي ذلك بأن يصبح الفرد جزءا من المجتمع ، وقد استدل على هذه النظرية ( روسو ) وأوضح كثيرا من جوانبها فى كتابه العقد الاجتماعي.
(١) الامامة والسياسة ١ / ١٧٠.