ولما وصلت هذه الرسالة الى عماله وولاته قاموا بتحريض الناس وحثهم على الخروج والاستعداد لحرب ريحانة رسول الله وسبطه وفي أقرب وقت التحقت به قوى هائلة منظمة لا ينقصها شيء من حيث الكراع والسلاح ، والعدد والعدة.
ولما توفرت له القوة الهائلة من الجند والعسكر وأصحاب المطامع الذين لا يقدسون سوى المادة زحف بهم نحو العراق وتولى بنفسه القيادة العامة للجيش ، وأناب عنه في عاصمته الضحاك بن قيس الفهري ، وقد كان عدد الجيش الذي نزح معه ستين ألفا ، وقيل أكثر من ذلك ، ومهما كان عدده فقد كان مطيعا لقوله ، ممتثلا لأمره ، منفذا لرغباته ، مذعنا له لا يخالفه ولا يعصيه.
وطوى معاوية البيداء بجيشه الجرار فلما انتهى الى جسر منبج (١).
__________________
(١) جسر منبج : بفتح الميم وسكون النون وكسر الباء بلد قديم ، المسافة بينه وبين حلب يومان ، أول من بناه كسرى ، وقد أنجب جماعة من الشعراء يعد فى طليعتهم البحتري ، وقد عناها المتنبي بقوله :
قيل بمنبج مثواه ونائله |
|
فى الأفق يسأل عمن غيره سألا |
ولها يتشوق ابراهيم بن المدبر ، وكان يهوى جارية بها في قوله :
وليلة عين المرج زار خياله |
|
فهيّج لي شوقا وجدد أحزاني |
فأشرقت أعلى الدير أنظر طامحا |
|
بألمح آماقي وأنظر انساني |
لعلي أرى أبيات منبج رؤية |
|
تسكن من وجدي وتكشف أشجاني |
جاء ذلك في معجم البلدان ٨ / ١٦٩.